responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 423
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُشَاوِرُ أُمَّهَا. فَأَتَى أُمَّهَا فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ ابْنَتَكِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ ونُعمة عَيْنٍ. فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ يَخْطُبُهَا لِنَفْسِهِ، إِنَّمَا يَخْطُبُهَا لِجُلَيْبِيبٍ. فَقَالَتْ: أَجُلَيبيب إِنِيهِ [1] ؟ أَجُلَيْبِيبٌ إنيِه [2] ؟ لَا لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تزَوّجُه. فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ لِيَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُخْبِرُهُ بِمَا قَالَتْ أُمُّهَا، قَالَتِ الْجَارِيَةُ: مَنْ خَطَبَنِي إِلَيْكُمْ؟ فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّهَا. قَالَتْ: أَتَرُدُّونَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمْرَهُ؟! ادْفَعُونِي إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَنْ يُضَيِّعَنِي. فَانْطَلَقَ أَبُوهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: شأنَك بِهَا. فَزَوّجها جُلَيْبِيبًا. قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ لَهُ، فَلَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: "هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ"؟ قَالُوا: نَفْقِدُ فَلَانًا وَنَفْقِدُ فَلَانًا. قَالَ: "انْظُرُوا هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ " قَالُوا: لَا. قَالَ: "لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا". قَالَ: "فَاطْلُبُوهُ فِي الْقَتْلَى". فَطَلَبُوهُ فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ. [قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَا هُوَ ذَا إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ] [3] . فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: قَتَلَ سَبْعَةً [وَقَتَلُوهُ] [4] ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ. مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَاعِدَيْهِ [وَحَفَرَ لَهُ، مَا لَهُ سَرِيرٌ إِلَّا سَاعِدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [5] . ثُمَّ وَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّهُ غَسَلَهُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ ثَابِتٌ: فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقَ مِنْهَا. وَحَدَّثَ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ثَابِتًا: هَلْ تَعْلَمُ مَا دَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: "اللَّهُمَّ، صَبَّ عَلَيْهَا [الْخَيْرَ] [6] صَبًّا، وَلَا تَجْعَلْ عَيْشَهَا كَدًّا" كَذَا قَالَ، فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقَ مِنْهَا.
هَكَذَا أَوْرَدَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِطُولِهِ [7] ، وَأَخْرَجَ مِنْهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْفَضَائِلِ قِصَّةَ قَتْلِهِ [8] . وَذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "الِاسْتِيعَابِ" أَنَّ الْجَارِيَةَ لَمَّا قَالَتْ فِي خِدْرِهَا: أَتَرُدُّونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ؟ تَلَتْ [9] هَذِهِ الْآيَةِ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [10] .
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج [أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: إِنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَنَهَاهُ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [11] : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ [12] لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} ] [13] .
فَهَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا حَكَمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِشَيْءٍ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مُخَالَفَتُهُ وَلَا اخْتِيَارَ لِأَحَدٍ هَاهُنَا، وَلَا رَأْيَ وَلَا قَوْلَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النِّسَاءِ:65] وَفِي الْحَدِيثِ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ". وَلِهَذَا شَدَّدَ فِي خِلَافِ ذَلِكَ، فَقَالَ: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا} ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63] .

[1] في هـ، ت، ف، أ: "ابنه" والتصويب من المسند.
[2] في هـ، ت، ف، أ: "ابنه" والتصويب من المسند.
[3] زيادة من ت، ف، والمسند.
[4] زيادة من ت، ف، والمسند.
[5] زيادة من ت، ف، والمسند.
[6] زيادة من ت، ف، والمسند.
[7] المسند (4/422) .
[8] صحيح مسلم برقم (2482) والنسائي في السنن الكبرى برقم (8246) .
[9] في أ: "نزلت".
[10] الاستيعاب (1/259) .
[11] في أ: "عنهما".
[12] في ت: "تكون".
[13] زيادة من ت، ف، أ.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 423
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست