responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 379
وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "مَنِ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ، كَفَرَ [1] . [2] وَهَذَا تَشْدِيدٌ وَتَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ، فِي التَّبَرِّي مِنَ النَّسَبِ الْمَعْلُومِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} .
ثُمَّ قَالَ: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} أَيْ: إِذَا نَسَبْتُمْ بَعْضَهُمْ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فِي الْحَقِيقَةِ خَطَأً، بَعْدَ الِاجْتِهَادِ وَاسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ الْحَرَجَ فِي الْخَطَأِ وَرَفَعَ إِثْمَهُ، كَمَا أَرْشَدَ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ آمِرًا عِبَادَهُ أَنْ يَقُولُوا: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [الْبَقَرَةِ: 286] . وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "قَالَ اللَّهُ: قَدْ فَعَلْتُ" [3] . وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنِ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ" [4] . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "إِنَّ اللَّهَ رَفَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا يُكرَهُون [5] عَلَيْهِ".
وَقَالَ هَاهُنَا: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} أَيْ: وَإِنَّمَا الْإِثْمُ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ الْبَاطِلَ كَمَا قَالَ تَعَالَى [6] : {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُم} . وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ: "مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ، إِلَّا كَفَرَ". وَفِي الْقُرْآنِ الْمَنْسُوخِ: "فَإِنَّ [7] كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ".
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ [8] مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ مَعَهُ الْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ. ثُمَّ قَالَ: قَدْ كُنَّا نَقْرَأُ: "وَلَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ [فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ -أَوْ: إِنَّ كُفْرًا بِكُمْ -أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ] [9] ، وَإِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تُطْرُونِي [كَمَا أُطْرِيَ] [10] عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ" [11] . وَرُبَّمَا قَالَ مَعْمَر: "كَمَا أَطَرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ" [12] .
وَرَوَاهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "ثَلَاثٌ فِي النَّاسِ كُفْرٌ: الطَّعْن فِي النَّسبَ، والنيِّاحة عَلَى الْمَيِّتِ، والاستسقاء بالنجوم" [13] .

[1] في أ: "وهو يعلمه إلا كفر".
[2] رواه البخاري في صحيحه برقم (3508) مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بلفظ مقارب.
[3] صحيح مسلم برقم (126) من حديث ابن عباس.
[4] صحيح البخاري برقم (7352) .
[5] في أ: "والأمر يكرهون".
[6] في ف: "الله".
[7] في أ: "فإنه".
[8] في ت: "إن الله بعث"، وفي ف: "إن الله، عز وجل، بعث".
[9] زيادة من ت، ف، والمسند.
[10] زيادة من ت، ف، والمسند.
[11] في ف، أ: "أنا عبد الله وقولوا عبد الله ورسوله".
[12] المسند (1/47) .
[13] المسند (5/342) ورواه مسلم في صحيحه برقم (934) كلاهما عن أبي مالك الأشعري بلفظ: "أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يتركوهن: الفخر في الأنساب" ثم ذكر هذه الثلاث.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست