responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 335
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيل، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ رَبَاح، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْ [1] أَبِي الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا -وذُكرَ لُقْمَانُ الْحَكِيمُ -فَقَالَ: مَا أُوتِيَ مَا أُوتِيَ عَنْ أَهْلٍ وَلَا مَالٍ، وَلَا حَسَبٍ وَلَا خِصَالٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ رِجْلًا صَمْصَامة سِكِّيتًا، طَوِيلَ التَّفَكُّرِ، عَمِيقَ النَّظَرِ، لَمْ يَنَمْ نَهَارًا قَطُّ، وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ يَبْزُقُ وَلَا يتنخَّع، وَلَا يَبُولُ وَلَا يَتَغَوَّطُ، وَلَا يَغْتَسِلُ، وَلَا يَعْبَثُ وَلَا يَضْحَكُ، وَكَانَ لَا يُعِيدُ مَنْطِقًا نَطَقَهُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ حِكْمَةً يَسْتَعِيدُهَا إِيَّاهُ أَحَدٌ، وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ وَوُلِدَ لَهُ أَوْلَادٌ، فَمَاتُوا فَلَمْ يَبْكِ عَلَيْهِمْ. وَكَانَ يَغْشَى السُّلْطَانَ، وَيَأْتِي الْحُكَّامَ، لِيَنْظُرَ وَيَتَفَكَّرَ وَيَعْتَبِرَ [2] ،فَبِذَلِكَ أُوتِيَ مَا أُوتِيَ.
وَقَدْ وَرَدَ أَثَرٌ غَرِيبٌ عَنْ قَتَادَةَ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، فَقَالَ:
حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: خَيّر اللَّهُ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ بَيْنَ النُّبُوَّةِ وَالْحِكْمَةِ، فَاخْتَارَ الْحِكْمَةَ عَلَى النُّبُوَّةِ. قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ نَائِمٌ فَذرَّ عَلَيْهِ الْحِكْمَةَ -أَوْ: رَشَّ عَلَيْهِ الْحِكْمَةَ -قَالَ: فَأَصْبَحَ يَنْطِقُ بِهَا.
قَالَ سَعِيدٌ: فَسَمِعْتُ عَنْ قَتَادَةَ يَقُولُ: قِيلَ لِلُقْمَانَ: كَيْفَ اخْتَرْتَ الْحِكْمَةَ عَلَى النُّبُوَّةِ وَقَدْ خَيَّرك رَبُّكَ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ إليَّ بِالنُّبُوَّةِ عَزْمَة لَرَجَوْتُ فِيهِ الْفَوْزَ مِنْهُ، وَلَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ أَقُومَ بِهَا، وَلَكِنَّهُ خَيّرني فَخِفْتُ أَنْ أَضْعُفَ عَنِ النُّبُوَّةِ، فَكَانَتِ الْحِكْمَةُ أَحَبَّ إليَّ.
فَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، وَفِيهِ ضَعْفٌ قَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ بِسَبَبِهِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالَّذِي رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبة، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} أَيِ: الْفِقْهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} أَيِ: الْفَهْمَ وَالْعِلْمَ وَالتَّعْبِيرَ، {أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ} أَيْ: أَمَرْنَاهُ أَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى مَا أَتَاهُ اللَّهُ وَمَنَحَهُ وَوَهَبَهُ مِنَ الْفَضْلِ، الَّذِي خصَّه [3] بِهِ عَمَّنْ سِوَاهُ مِنْ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ وَأَهْلِ زَمَانِهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} أَيْ: إِنَّمَا يَعُودُ نَفْعُ ذَلِكَ وَثَوَابُهُ عَلَى الشَّاكِرِينَ [4] لِقَوْلِهِ [5] تَعَالَى: {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الرُّومِ: 44] .
وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} أَيْ: غَنِيٌّ عَنِ الْعِبَادِ، لَا يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَفَرَ أَهْلُ الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا، فَإِنَّهُ الْغَنِيُّ عَمَّنْ سِوَاهُ؛ فَلَا إِلَهَ إِلَّا الله، ولا نعبد إلا إياه.

[1] في ت: "وروى ابن أبي حاتم بسنده إلى".
[2] في ت: "ويعتب".
[3] في أ: "خصصه".
[4] في ت، ف: "الشاكر".
[5] في ف: "كقوله".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست