responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 301
الصَّحَائِفَ [1] وَقَالَ: كُلُّ هَذَا راجعتُ فِيكَ كِسْرَى، وَأَنْتَ أَرَدْتَ أَنْ تَقْتُلَنِي بِكِتَابٍ وَاحِدٍ. فَرَدَّ الْمَلِكُ إِلَى أَخِيهِ شَهْرِيرَازَ [2] وَكَتَبَ شَهْرِيرَازُ إِلَى قَيْصَرَ مَلِكِ الرُّومِ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً لَا تَحْمِلُهَا البُرُد وَلَا تَحْمِلُهَا الصُّحُفُ، فَالْقَنِي، وَلَا تَلْقَنِي إِلَّا فِي خَمْسِينَ رُومِيًّا، فَإِنِّي أَلْقَاكَ فِي خَمْسِينَ فَارِسِيًّا. فَأَقْبَلَ قَيْصَرُ فِي خَمْسِمِائَةِ أَلْفِ رُومِيٍّ، وَجَعَلَ يَضَعُ الْعُيُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الطَّرِيقِ، وَخَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ مَكَرَ بِهِ، حَتَّى أَتَاهُ عُيُونُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا خَمْسُونَ رَجُلًا. ثُمَّ بُسِطَ لَهُمَا وَالْتَقَيَا فِي قُبَّةِ دِيبَاجٍ ضُرِبَتْ لَهُمَا، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِكِّينٌ، فَدَعَيَا [3] تُرْجُمَانًا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ شَهْرِيرَازُ [4] إِنَّ الَّذِينَ خَرَّبُوا مَدَائِنَكَ أَنَا وَأَخِي بِكَيْدِنَا وَشَجَاعَتِنَا، وَإِنَّ كِسْرَى حَسَدنا وَأَرَادَ أَنْ أَقْتُلَ أَخِي فَأَبَيْتُ، ثُمَّ أَمَرَ أَخِي أَنْ يَقْتُلَنِي. وَقَدْ خَلَعْنَاهُ جَمِيعًا، فَنَحْنُ نُقَاتِلُهُ مَعَكَ. قَالَ: قَدْ أَصَبْتُمَا. ثُمَّ أَشَارَ أَحَدُهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ أَنَّ السِّرَّ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِذَا جَاوَزَ اثْنَيْنِ فَشَا. قَالَ: أَجَلْ. فَقَتَلَا التُّرْجُمَانَ جَمِيعًا بِسِكِّينَيْهِمَا. [قَالَ] [5] فَأَهْلَكَ اللَّهُ كِسْرَى، وَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَفَرِحَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ.
فَهَذَا سِيَاقٌ غَرِيبٌ، وَبِنَاءٌ عَجِيبٌ. وَلْنَتَكَلَّمْ عَلَى كَلِمَاتِ هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَرِيمَةِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {الم. غُلِبَتِ الرُّومُ} قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، فِي أَوَّلِ سُورَةِ "الْبَقَرَةِ". وَأَمَّا الرُّومُ فَهُمْ مِنْ سُلَالَةِ الْعِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَمِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَيُقَالُ لَهُمْ: بَنُو الْأَصْفَرِ. وَكَانُوا عَلَى دِينِ الْيُونَانِ، وَالْيُونَانُ مِنْ سُلَالَةِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ، أَبْنَاءِ [6] عَمِّ التُّرْكِ. وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّيَّارَةَ السَّبْعَةَ، وَيُقَالُ لَهَا: الْمُتَحَيِّرَةُ، وَيُصَلُّونَ إِلَى الْقُطْبِ الشَّمَالِيِّ، وَهُمُ الَّذِينَ أَسَّسُوا دِمَشْقَ، وَبَنَوْا مَعْبَدَهَا، وَفِيهِ مَحَارِيبُ إِلَى جِهَةِ الشَّمَالِ، فَكَانَ [7] الرُّومُ عَلَى دِينِهِمْ إِلَى مَبْعَثِ الْمَسِيحِ بِنَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ، وَكَانَ مَنْ مَلَكَ الشَّامَ مَعَ الْجَزِيرَةِ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: قَيْصَرُ. فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ فِي دِينِ النَّصَارَى مِنَ الْمُلُوكِ قُسْطَنْطِينُ بْنُ قَسْطَسَ، وَأُمُّهُ مَرْيَمُ الْهَيْلَانِيَّةُ الشَّدْقَانِيَّةُ [8] مِنْ أَرْضِ حِرَّانَ، كَانَتْ قَدْ تَنَصَّرَتْ قَبْلَهُ، فَدَعَتْهُ إِلَى دِينِهَا، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَيْلَسُوفًا، فَتَابَعَهَا -يُقَالُ: تَقِيَّة -وَاجْتَمَعَتْ بِهِ النَّصَارَى، وَتَنَاظَرُوا فِي زَمَانِهِ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرْيُوسَ، وَاخْتَلَفُوا اخْتِلَافًا [كَثِيرًا] [9] مُنْتَشِرًا مُتَشَتِّتًا لَا يَنْضَبِطُ، إِلَّا أَنَّهُ اتَّفَقَ مِنْ جَمَاعَتِهِمْ [10] ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ أُسْقُفًّا، فَوَضَعُوا لِقُسْطَنْطِينَ الْعَقِيدَةَ، وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْأَمَانَةَ الْكَبِيرَةَ، وَإِنَّمَا هِيَ الْخِيَانَةُ الْحَقِيرَةُ، وَوَضَعُوا لَهُ الْقَوَانِينَ -يَعْنُونَ كُتُبَ الْأَحْكَامِ مِنْ تَحْلِيلٍ وَتَحْرِيمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، وغَيَّروا دِينَ الْمَسِيحِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَزَادُوا فِيهِ وَنَقَصُوا مِنْهُ. وَفَصَلُوا إِلَى الْمَشْرِقِ [11] وَاعْتَاضُوا عَنِ السَّبْتِ بِالْأَحَدِ، وَعَبَدُوا الصَّلِيبَ وَأَحَلُّوا الْخِنْزِيرَ. وَاتَّخَذُوا أَعْيَادًا أَحْدَثُوهَا كَعِيدِ الصَّلِيبِ وَالْقِدَّاسِ [12] وَالْغِطَاسِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْبَوَاعِيثِ وَالشَّعَانِينِ، وَجَعَلُوا لَهُ الْبَابَ وَهُوَ كَبِيرُهُمْ، ثُمَّ الْبَتَارِكَةِ، ثُمَّ الْمَطَارِنَةِ، ثُمَّ الْأَسَاقِفَةِ وَالْقَسَاقِسَةِ، ثُمَّ الشَّمَامِسَةِ. وَابْتَدَعُوا الرَّهْبَانِيَّةَ. وبنى لهم الملك الكنائس

[1] في ت، ف، أ: "ثلاث صحائف".
[2] في ت: "شهريزار".
[3] في ت، ف: "فدعا".
[4] في ت: "شهريزار".
[5] زيادة من ت.
[6] في أ: "أتباع".
[7] في ف: "وكان".
[8] في ت: "القندقانية" وفي ف: "الغندقانية".
[9] زيادة من ت، ف، أ.
[10] في ت: "جماعته".
[11] في ت، ف، أ: "وصلوا إلى الشرق"
[12] في ف، أ: "والقرابين".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 301
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست