responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 259
وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا أَرَادَ [بِذَلِكَ] [1] الْفَخْرَ [وَالتَّطَاوُلَ] [2] عَلَى غَيْرِهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مَذْمُومٌ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [أَنَّهُ قَالَ] [3] إِنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنْ تواضَعُوا، حَتَّى لَا يفخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ" [4] ، وَأَمَّا إِذَا أَحَبَّ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ التَّجَمُّلِ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَحَبُّ أَنْ يَكُونَ رِدَائِي حَسَنًا وَنَعْلِي حَسَنَةً، أَفَمِنَ الْكِبَرِ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: "لَا إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ".
وَقَالَ [5] : {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ} أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ {فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} أَيْ: ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ حَسَنَة الْعَبْدِ، فَكَيْفَ وَاللَّهُ يُضَاعِفُهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً فَهَذَا [6] مَقَامُ الْفَضْلِ.
ثُمَّ قَالَ: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النَّمْلِ: 90] وَهَذَا مَقَامُ الْفَصْلِ وَالْعَدْلِ.

[1] زيادة من ف، أ.
[2] زيادة من ت، ف، أ.
[3] زيادة من ت، ف، أ.
[4] صحيح مسلم برقم (2865) من حديث عياض بن حمار رضي الله عنه.
[5] في ت، ف: "وقوله".
[6] في ف: "وهذا".
{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (85) وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (86) وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87) وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88) } .
يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا رسولَه، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، بِبَلَاغِ الرِّسَالَةِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ عَلَى النَّاسِ، وَمُخْبِرًا لَهُ بِأَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَى مَعَادٍ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، فَيَسْأَلُهُ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ مِنْ أَعْبَاءِ النُّبُوَّةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} أَيِ: افْتَرَضَ عَلَيْكَ أَدَاءَهُ إِلَى النَّاسِ، {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} أَيْ: إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَيَسْأَلُكَ عَنْ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الْأَعْرَافِ: 6] ، وَقَالَ {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ [قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ] [1] } [الْمَائِدَةِ: 109] [وَقَالَ] : [2] {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ} [الزُّمَرِ: 69] .
وَقَالَ السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ [3] ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} ، يَقُولُ: لرادُّك إِلَى الْجَنَّةِ، ثُمَّ سَائِلُكَ عَنِ الْقُرْآنِ. قَالَ السُّدِّيُّ: وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ مِثْلَهَا.
وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ أَبان، عَنْ عِكْرمِة، [وَ] [4] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} قَالَ: إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَرَوَاهُ مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.

[1] زيادة من ف، أ.
[2] زيادة من ت، أ.
[3] في ت: "وقال".
[4] زيادة من ت.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست