responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 257
لَمَا أَخْبَرْتِنِي بِالَّذِي حَمَلَكِ عَلَى مَا قُلْتِ؟ فَقَالَتْ: أَمَّا إِذْ نَشَدْتَني فَإِنَّ قَارُونَ أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا، عَلَى أَنْ أَقُولَ لَكَ، وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ خَرّ مُوسَى لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَاجِدًا، وَسَأَلَ اللَّهَ فِي قَارُونَ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِّي قَدْ أَمَرْتُ الْأَرْضَ أَنْ تُطِيعَكَ فِيهِ، فَأَمَرَ مُوسَى الْأَرْضَ أَنْ تَبْتَلِعَهُ وَدَارَهُ فَكَانَ [1] ذَلِكَ.
وَقِيلَ: إِنَّ قَارُونَ لَمَّا خَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ تِلْكَ، وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى الْبِغَالِ الشُّهْبِ، وَعَلَيْهِ وَعَلَى خَدَمِهِ الثِّيَابُ الْأُرْجُوَانُ الصِّبْغَةِ [2] ، فَمَرَّ فِي جَحْفَله ذَلِكَ عَلَى مَجْلِسِ نَبِيِّ اللَّهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ يُذَكِّرُهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ. فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ قَارُونَ انْصَرَفَتْ وُجُوهُ النَّاسِ حَوْلَهُ، يَنْظُرُونَ إِلَى مَا هُوَ فِيهِ. فَدَعَاهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: يَا مُوسَى، أَمَا لَئِنْ كُنْتَ فُضِّلتَ عَلَيَّ بِالنُّبُوَّةِ، فَلَقَدْ فُضِّلْتُ عَلَيْكَ بِالدُّنْيَا، وَلَئِنْ شِئْتَ لَتَخْرُجَنَّ، فَلْتَدْعُوَنَّ عَلَيَّ وَأَدْعُو عَلَيْكَ. فَخَرَجَ وَخَرَجَ قَارُونُ فِي قَوْمِهِ، فَقَالَ مُوسَى [3] : تَدْعُو أَوْ أَدْعُو أَنَا؟ قَالَ: بَلْ أَنَا أَدْعُو. فَدَعَا قَارُونُ فَلَمْ يُجَبْ لَهُ، ثُمَّ قَالَ مُوسَى [4] : أَدْعُو؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ مُوسَى: اللَّهُمَّ، مُر الْأَرْضَ أَنْ تُطِيعَنِي [5] الْيَوْمَ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِّي قَدْ فَعَلْتُ، فَقَالَ مُوسَى: يَا أَرْضُ، خُذِيهِمْ. فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَقْدَامِهِمْ. ثُمَّ قَالَ: خُذِيهِمْ. فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى رُكَبِهِمْ، ثُمَّ إِلَى مَنَاكِبِهِمْ. ثُمَّ قَالَ: أَقْبِلِي بِكُنُوزِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. قَالَ: فَأَقْبَلَتْ بِهَا حَتَّى نَظَرُوا إِلَيْهَا. ثُمَّ أَشَارَ مُوسَى بِيَدِهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا بَنِي لَاوَى [6] فَاسْتَوَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: خُسف بِهِمْ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُخْسَفُ بِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قَامَةٌ، فَهُمْ يَتَجَلْجَلُونَ فِيهَا إِلَى يَوْمِ القيامة.
وقد ذكر ها هنا إِسْرَائِيلِيَّاتٌ [غَرِيبَةٌ] [7] أَضْرَبْنَا عَنْهَا صَفْحًا.
وَقَوْلُهُ: {فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} أَيْ: مَا أَغْنَى عَنْهُ مالُه، وَمَا جَمَعه، وَلَا خَدَمُهُ وَ [لَا] [8] حَشَمُهُ. وَلَا دَفَعُوا عَنْهُ نِقْمَةَ اللَّهِ وَعَذَابَهُ وَنَكَالَهُ [بِهِ] [9] ، وَلَا كَانَ هُوَ فِي نَفْسِهِ مُنْتَصِرًا لِنَفْسِهِ، فَلَا نَاصِرَ لَهُ [لَا] [10] مِنْ نَفْسِهِ، وَلَا مَنْ غَيْرِهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأمْسِ} أَيِ: الَّذِينَ لَمَّا رَأَوْهُ فِي زِينَتِهِ قَالُوا {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} ، فَلَمَّا خُسِفَ بِهِ أَصْبَحُوا يَقُولُونَ: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ} أَيْ: لَيْسَ الْمَالُ بِدَالٍّ عَلَى رِضَا اللَّهِ عَنْ صَاحِبِهِ [وَعَنْ عِبَادِهِ] [11] ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي وَيَمْنَعُ، وَيُضَيِّقُ وَيُوَسِّعُ، وَيَخْفِضُ وَيَرْفَعُ، وَلَهُ الْحِكْمَةُ التَّامَّةُ وَالْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ. وَهَذَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ، كَمَا قَسَمَ أَرْزَاقَكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الْمَالَ مَنْ يُحِبُّ، وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ" [12] .
{لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا} أَيْ: لَوْلَا لُطف اللَّهِ بِنَا وإحسانه إلينا لخسف بنا، كما خسف

[1] في ف، أ: "وكان".
[2] في ت، ف، أ: "المصبغة".
[3] في ت: "صلى الله عليه وسلم". وفي ف، أ: "عليه السلام".
[4] في ف، أ: "قال: يا موسى".
[5] في ت: "فلتطعني".
[6] في أ: "اذهبوا به لا أرى".
[7] زيادة من ت، ف.
[8] زيادة من ت، ف.
[9] زيادة من أ.
[10] زيادة من أ.
[11] زيادة من أ.
[12] المسند (1/387) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 257
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست