responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 197
ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً، وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا، فَإِذَا هِيَ شَعْرَاء. فَقَالَ سُلَيْمَانُ: هَذَا قَبِيحٌ، مَا يُذْهِبُهُ؟ فَقَالُوا: تُذْهِبُهُ [1] الْمَوَاسِي. فَقَالَ: أَثَرُ الْمُوسَى [2] قَبِيحٌ! قَالَ: فَجَعَلَتِ الشَّيَاطِينُ النورَة. قَالَ: فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جُعلت لَهُ النُّورَةُ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: مَا أَحْسَنَهُ مِنْ حَدِيثٍ.
قُلْتُ: بَلْ هُوَ مُنْكَرٌ غَرِيبٌ جِدًّا، وَلَعَلَّهُ مِنْ أَوْهَامِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْأَقْرَبُ فِي مِثْلِ هَذِهِ السِّيَاقَاتِ أَنَّهَا مُتَلَقَّاةٌ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، مِمَّا يُوجَدُ فِي صُحُفِهِمْ، كَرِوَايَاتِ كَعْبٍ وَوَهْبٍ -سَامَحَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -فِيمَا نَقَلَاهُ إِلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ أَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مِنَ الْأَوَابِدِ [3] وَالْغَرَائِبِ وَالْعَجَائِبِ، مِمَّا كَانَ وَمَا لَمْ يَكُنْ، وَمِمَّا حُرِّفَ وَبُدِّلَ وَنُسِخَ. وَقَدْ أَغْنَانَا اللَّهُ، سُبْحَانَهُ، عَنْ ذَلِكَ بِمَا هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ وَأَنْفَعُ وَأَوْضَحُ وَأَبْلَغُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
أَصْلُ الصَّرْحِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: هُوَ الْقَصْرُ، وَكُلُّ بِنَاءٍ مُرْتَفِعٍ، قَالَ اللَّهُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إِخْبَارًا عَنْ فِرْعَوْنَ -لَعَنَهُ اللَّهُ -أَنَّهُ قَالَ لِوَزِيرِهِ هَامَانَ {ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} الْآيَةَ [غَافِرٍ:36، 37] . وَالصَّرْحُ: قَصْرٌ فِي الْيَمَنِ عَالِي الْبَنَّاءِ، وَالْمُمَرَّدُ أَيِ: الْمَبْنِيُّ بَنَّاءً مُحْكَمًا أَمْلَسَ {مِنْ قَوَارِيرَ} أَيْ: زُجَاجٍ. وَتَمْرِيدُ الْبِنَاءِ تَمْلِيسُهُ. وَمَارِدٌ: حِصْنٌ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ.
وَالْغَرَضُ أَنَّ سُلَيْمَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، اتَّخَذَ قَصْرًا عَظِيمًا مَنِيفًا مِنْ زُجَاجٍ لِهَذِهِ الْمَلِكَةِ؛ لِيُرِيَهَا عَظَمَةَ سُلْطَانِهِ وَتَمَكُّنِهِ، فَلَمَّا رَأَتْ مَا آتَاهُ اللَّهُ، تَعَالَى، وَجَلَالَةَ مَا هُوَ فِيهِ، وَتَبَصَّرَتْ فِي أَمْرِهِ انْقَادَتْ لِأَمْرِ اللَّهِ [4] وعَرَفت أَنَّهُ نَبِيٌّ كَرِيمٌ، وَمَلِكٌ عَظِيمٌ، فَأَسْلَمَتْ لِلَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَتْ: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} أَيْ: بِمَا سَلَفَ مِنْ كُفْرِهَا وَشِرْكِهَا وَعِبَادَتِهَا وَقَوْمِهَا الشَّمْسَ [5] مِنْ دُونِ اللَّهِ، {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أَيْ: مُتَابَعَةً لِدِينِ سُلَيْمَانَ فِي عِبَادَتِهِ لِلَّهِ [6] وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، الذي خلق كل شيء فقدره تقديرًا.

[1] في ف، أ:"يذهبه".
[2] في أ: "المواسي".
[3] في أ: "النوادر".
[4] في أ: "لأوامر الله".
[5] في ف: "للشمس".
[6] في ف: "في عبادة الله".
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) }
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ ثَمُودَ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهَا مَعَ نَبِيِّهَا صَالِحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ، فَدَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، {فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ -كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [الأعراف: 75، 76] .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست