responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 193
وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: امْدُدْ بَصَرَكَ، فَلَا يَبْلُغْ مَدَاهُ حَتَّى آتِيَكَ بِهِ.
فَذَكَرُوا أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ نَحْوَ الْيَمَنِ الَّتِي فِيهَا هَذَا الْعَرْشُ الْمَطْلُوبُ، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ، وَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: قَالَ: يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ: يَا إِلَهَنَا وَإِلَهَ كُلِّ شَيْءٍ، إِلَهًا وَاحِدًا، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، ائْتِنِي بِعَرْشِهَا. قَالَ: فَتَمَثَّلَ لَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُمْ: لَمَّا دَعَا اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِعَرْشِ بِلْقِيسَ -وَكَانَ فِي الْيَمَنِ، وَسُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ -غَابَ السَّرِيرُ، وَغَاصَ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ نَبَعَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ سُلَيْمَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، لَمْ يَشْعُرْ سُلَيْمَانُ إِلَّا وَعَرْشُهَا يُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ: وَكَانَ هَذَا الَّذِي جَاءَ بِهِ مِنْ عُبَّاد الْبَحْرِ، فَلَمَّا عَايَنَ سُلَيْمَانُ ومَلَؤه ذَلِكَ، وَرَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} أَيْ: هَذَا مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ {لِيَبْلُوَنِي} أَيْ: لِيَخْتَبِرَنِي، {أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} ، كَقَوْلِهِ {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فُصِّلَتْ: 46] ، وَكَقَوْلِهِ {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الرُّومِ: 44] .
وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} أَيْ: هُوَ غَنِيٌّ عَنِ الْعِبَادِ وَعِبَادَتِهِمْ، {كَرِيمٌ} أَيْ: كَرِيمٌ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْبُدْهُ أَحَدٌ، فَإِنَّ عَظَمَتَهُ لَيْسَتْ مُفْتَقِرَةً [1] إِلَى أَحَدٍ، وَهَذَا كَمَا قَالَ مُوسَى: {إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إبراهيم: 8] .
وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مِلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ [ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا] [2] فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمِنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلك فلا يلومن إلا نفسه" [3] .

[1] في أ: "تفتقر".
[2] زيادة من ف، أ، وصحيح مسلم.
[3] صحيح مسلم برقم (2577) مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍ الْغِفَارِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عنه.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست