responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 158
لَمَّا نَهَاهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ عَنْ إِتْيَانِهِمُ الْفَوَاحِشَ، وَغَشَيَانِهِمُ الذُّكُورَ، وَأَرْشَدَهُمْ إِلَى إِتْيَانِ نِسَائِهِمُ اللَّاتِي خَلَقَهُنَّ اللَّهُ لَهُمْ -مَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ له إلا قَالُوا: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ} يعنونَ: عَمَّا جِئْتَنَا [1] بِهِ، {لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ} أَيْ: نَنْفِيكَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا [2] كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ [3] مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الْأَعْرَافِ:82] ، فَلَمَّا رَأَى أنَّهم لَا يَرْتَدِعُونَ عَمَّا هُمْ فِيهِ وَأَنَّهُمْ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى ضَلَالَتِهِمْ، تَبَرَّأَ مِنْهُمْ فَقَالَ: {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ} أَيِ: الُمبغضين، لَا أُحِبُّهُ وَلَا أَرْضَى بِهِ؛ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْكُمْ. ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عَلَيْهِمْ قَالَ: {رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ} .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ} أَيْ: كُلَّهُمْ.
{إِلا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} ، وَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَكَانَتْ عَجُوزَ سُوءٍ بَقِيَتْ فَهَلَكَتْ [4] مَعَ مَنْ بَقِيَ مِنْ قَوْمِهَا، وَذَلِكَ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي "سُورَةِ الْأَعْرَافِ" وَ"هُودٍ"، وَكَذَا فِي "الحِجْر" حِينَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْرِيَ بِأَهْلِهِ إِلَّا امْرَأَتَهُ، وَأَنَّهُمْ لَا يَلْتَفِتُونَ إِذَا سَمِعُوا الصَّيْحَةَ حِينَ تَنْزِلُ عَلَى قَوْمِهِ، فَصَبَرُوا لِأَمْرِ اللَّهِ وَاسْتَمَرُّوا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى أُولَئِكَ الْعَذَابَ الَّذِي عَمَّ جَمِيعَهُمْ، وَأَمْطَرَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ. وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} .
{كَذَّبَ أَصْحَابُ الأيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180) }
هَؤُلَاءِ -أَعْنِي أَصْحَابَ الْأَيْكَةِ -هُمْ أَهْلُ مَدْيَنَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ شُعَيْبٌ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ هُنَا أَخُوهُمْ شُعَيْبٌ؛ لِأَنَّهُمْ نُسِبُوا إِلَى عِبَادَةِ الْأَيْكَةِ، وَهِيَ شَجَرَةٌ. وَقِيلَ: شَجَرٌ مُلْتَفٌّ كالغَيضة، كَانُوا يَعْبُدُونَهَا؛ فَلِهَذَا لَمَّا قَالَ: كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ، لَمْ يَقِلْ: "إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ شُعَيْبٌ"، وَإِنَّمَا قَالَ: {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ} ، فَقَطَعَ نِسْبَةَ الْأُخُوَّةِ بَيْنَهُمْ؛ لِلْمَعْنَى الَّذِي نُسِبُوا إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُمْ نَسَبًا. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَتَفَطَّنْ لِهَذِهِ النكتة، فظن أن أصحاب الأيكة غير

[1] في ف: "يعني مما جئتنا".
[2] في ف، أ: "فما" وهو خطأ.
[3] في جميع النسخ: "اخرجوا آل لوط" والصواب ما أثبتناه.
[4] في ف، أ: "مهلكة".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست