responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 135
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الشُّعَرَاءِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. وَوَقع فِي تَفْسِيرِ مَالِكٍ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ تسميتُها: سُورَةَ الْجَامِعَةِ.
{طسم [1] تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ [2] لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [3] إِنْ نَشَأْ نُنزلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ [4] وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الأرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (7) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (9) } .
أَمَّا الْكَلَامُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّورِ، فَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
وَقَوْلُهُ: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} أَيْ: هَذِهِ آيَاتُ الْقُرْآنِ الْمُبِينِ، أَيِ: الْبَيِّنِ الْوَاضِحِ، الَّذِي يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ.
وَقَوْلُهُ: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ} أَيْ: مُهْلِكٌ {نَفْسَكَ} أَيْ: مِمَّا تَحْرِصُ [عَلَيْهِمْ] [1] وَتَحْزَنُ عَلَيْهِمْ {أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} ، وَهَذِهِ تَسْلِيَةٌ مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، فِي عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مِنَ الْكُفَّارِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فَاطِرٍ:8] ، وَقَالَ: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الْكَهْفِ:6] .
قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْحُسْنُ، وَقَتَادَةُ، وَعَطِيَّةُ، وَالضَّحَّاكُ: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} أَيْ: قَاتِلٌ نَفْسَكَ. قَالَ الشَّاعِرُ (2)
أَلَّا أيّهذاَ البَاخعُ الحُزنُ نفسَه ... لِشَيْءٍ [3] نَحَتْهُ عَنْ يَدَيه الَمقَادِرُ ...
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنْ نَشَأْ نُنزلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} أَيْ: لَوْ شِئْنَا لَأَنْزَلْنَا آيَةً تَضْطَرُّهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ قَهْرًا، ولكَّنا لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَا نُرِيدُ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا الْإِيمَانَ الِاخْتِيَارِيَّ؛ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يُونُسَ:99] ، وَقَالَ: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هُودٍ: 118، 119] ، فنَفَذ قَدَرُه، وَمَضَتْ [4] حِكْمَتُهُ، وَقَامَتْ حُجَّتُهُ الْبَالِغَةُ عَلَى خَلْقِهِ بِإِرْسَالِ الرسل إليهم، وإنزال الكتب عليهم.

[1] زيادة من ف، أ.
[2] هو ذو الرمة، والبيت في تفسير الطبري (19/37) .
[3] في ف: "بشيء".
[4] في ف، أ: "وقضت".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 135
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست