responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 116
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ عَامٌ بِأَكْثَرَ مَطَرًا مِنْ عَامٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُصَرِّفُهُ كَيْفَ يَشَاءُ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا} .
أَيْ: لِيَذَّكَّرُوا بِإِحْيَاءِ اللَّهِ الْأَرْضَ الْمَيِّتَةَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إِحْيَاءِ الْأَمْوَاتِ [1] . وَالْعِظَامِ الرُّفَاتِ. أَوْ: لِيَذَّكَّرَ مِنْ مَنْعِ القَطْر أَنَّمَا أَصَابَهُ ذَلِكَ بِذَنْبٍ أَصَابَهُ، فَيُقْلِعُ عَمَّا هُوَ فِيهِ.
وَقَالَ عُمَر مَوْلَى غُفْرَة [2] : كَانَ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا جِبْرِيلُ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَعْلَمَ أمْرَ السَّحَابِ؟ " قَالَ: فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذَا مَلِكُ السَّحَابِ فَسَلْهُ. فَقَالَ: تَأْتِينَا صَكاك مُخَتَّمة: اسْقِ بِلَادَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا قَطْرَةً. رَوَاهُ ابْنُ حَاتِمٍ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ.
وَقَوْلُهُ: {فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا} : قَالَ عِكْرِمَةُ: يَعْنِي: الَّذِينَ [3] يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بنَوء كَذَا وَكَذَا.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عِكْرِمَةُ كَمَا صَحَّ فِي الْحَدِيثِ الْمُخْرَجِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ يوماً، عَلَى أَثَرِ سَمَاءٍ أَصَابَتْهُمْ مِنَ اللَّيْلِ: "أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ" قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَاكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَاكَ كَافِرٌ بِي، مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ" [4] .
{وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) } .
يَقُولُ تَعَالَى: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا} يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَكِنَّا خَصَصْنَاكَ -يَا مُحَمَّدُ -بِالْبِعْثَةِ إِلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَأَمَرْنَاكَ أَنَّ تُبَلِّغَ النَّاسَ هَذَا الْقُرْآنُ، {لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الْأَنْعَامِ: 19] ، {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [هُودٍ: 17] {وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الْأَنْعَامِ: 92] ، {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الْأَعْرَافِ: 158] . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: "بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ" وَفِيهِمَا: "وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً"؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ} يَعْنِي: بِالْقُرْآنِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ {جِهَادًا كَبِيرًا} ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التَّوْبَةِ: 73،التَّحْرِيمِ: 9] .

[1] في ف، أ: "الموتى".
[2] في ف، أ: "عقبة".
[3] في أ: "الذي".
[4] صحيح مسلم برقم (71) من حديث زيد بن خالد الجهني.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 116
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست