responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 69
كَفَرَ بَعْدَ الْحُجَّةِ، لِمَا رَأَى مِنَ الْآيَةِ وَالْعِبْرَةِ، وَيُؤْمِنَ مَنْ آمَنَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ.
وَهَذَا تَفْسِيرٌ جَيِّدٌ. وبَسْطُ ذَلِكَ أَنَّهُ [1] تَعَالَى يَقُولُ: إِنَّمَا جَمَعُكُمْ مَعَ عَدُوِّكُمْ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، لِيَنْصُرَكُمْ عَلَيْهِمْ، وَيَرْفَعَ كَلِمَةَ الْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ، لِيَصِيرَ الْأَمْرُ ظَاهِرًا، وَالْحُجَّةُ قَاطِعَةً، وَالْبَرَاهِينُ سَاطِعَةً، وَلَا يَبْقَى لِأَحَدٍ حُجَّةٌ وَلَا شُبْهَةٌ، فَحِينَئِذٍ {يَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ} أَيْ: يَسْتَمِرُّ فِي الْكُفْرِ مَنِ اسْتَمَرَّ فِيهِ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّهُ مُبْطِلٌ، لِقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، {وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ} أَيْ: يُؤْمِنَ مَنْ آمَنَ {عَنْ بَيِّنَةٍ} أَيْ: حُجَّةٍ وَبَصِيرَةٍ. وَالْإِيمَانُ هُوَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} [الْأَنْعَامِ: 122] ،وَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ: فيَّ هَلَكَ مَنْ هَلَكَ أَيْ: قَالَ فِيهَا مَا قَالَ مِنَ الْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ وَالْإِفْكِ.
وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ} أَيْ: لِدُعَائِكُمْ وَتَضَرُّعِكُمْ وَاسْتِغَاثَتِكُمْ بِهِ {عَلِيمٌ} أَيْ: بِكُمْ وَأَنَّكُمْ تَسْتَحِقُّونَ النَّصْرَ عَلَى أَعْدَائِكُمُ الْكَفَرَةِ الْمُعَانِدِينَ.
{إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ (44) }
قَالَ مُجَاهِدٌ: أَرَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُمْ فِي مَنَامِهِ [2] قَلِيلًا فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ، فَكَانَ تَثْبِيتًا لَهُمْ.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ رَآهُمْ بِعَيْنِهِ الَّتِي يَنَامُ بِهَا.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْمُدَبِّرُ، حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، عَنْ سَهْلٍ السَّرَّاجِ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلا} قَالَ: بِعَيْنِكَ.
وَهَذَا الْقَوْلُ غَرِيبٌ، وَقَدْ صُرِّحَ بِالْمَنَامِ هَاهُنَا، فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي لَا دَلِيلَ عليه (3)
وقوله: {وَلَوْأَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ} أَيْ: لَجَبُنْتُمْ عَنْهُمْ وَاخْتَلَفْتُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ، {وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ} أَيْ: مِنْ ذَلِكَ: بِأَنْ أَرَاكَهُمْ قَلِيلًا {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} أَيْ: بِمَا تُجِنُّهُ الضَّمَائِرُ، وَتَنْطَوِي عَلَيْهِ الْأَحْشَاءُ، فَيَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ.
وَقَوْلُهُ: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلا} وَهَذَا أَيْضًا مِنْ لُطْفِهِ تَعَالَى بِهِمْ، إِذْ أَرَاهُمْ إِيَّاهُمْ قَلِيلًا فِي رَأْيِ الْعَيْنِ، فَيُجَرِّؤُهُمْ عليهم، ويطمعهم فيهم.

[1] في أ: "أن الله".
[2] في جميع النسخ: "أراهم الله في منامه" والمثبت من الطبري.
(3) في أ: "له".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست