responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 595
وَمَعَادِهِمْ.
{وَهُدًى} أَيْ: لِلْقُلُوبِ، {وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: {وَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} أَيْ: بِالسُّنَّةِ.
وَوَجْهُ اقْتِرَانِ قَوْلِهِ: {وَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} مَعَ قَوْلِهِ: {وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ} أَنَّ الْمُرَادَ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ-: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ تَبْلِيغَ الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَيْكَ، سَائِلُكَ عَنْ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الْأَعْرَافِ: 6] ، {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الْحِجْرِ: 92، 93] ، {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ} [الْمَائِدَةِ: 109] ، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [الْقَصَصِ: 85] أَيْ: إِنَّ الَّذِي أَوْجَبَ عَلَيْكَ تَبْلِيغَ الْقُرْآنِ لَرَادُّكَ إِلَيْهِ، وَمُعِيدُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَسَائِلُكَ عَنْ أَدَاءِ مَا فَرَضَ عَلَيْكَ. هَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ مُتَّجه حَسَنٌ.
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) }
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يَأْمُرُ عِبَادَهُ بِالْعَدْلِ، وَهُوَ الْقِسْطُ وَالْمُوَازَنَةُ، وَيَنْدِبُ إِلَى الْإِحْسَانِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النَّحْلِ: 126] ، وَقَالَ {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشُّورَى: 40] ، وَقَالَ {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [الْمَائِدَةِ: 45] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى هَذَا، مِنْ [1] شَرْعِيَّةِ الْعَدْلِ وَالنَّدْبِ إِلَى الْفَضْلِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: الْعَدْلُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: هُوَ اسْتِوَاءُ السَّرِيرَةِ وَالْعَلَانِيَةِ مِنْ كُلِّ عَامِلٍ لِلَّهِ عَمَلًا. وَالْإِحْسَانُ: أَنْ تَكُونَ [2] سَرِيرَتُهُ أَحْسَنَ مِنْ عَلَانِيَتِهِ. وَالْفَحْشَاءُ وَالْمُنْكِرُ: أَنْ تَكُونَ [3] عَلَانِيَتُهُ أَحْسَنَ مِنْ سَرِيرَتِهِ.
وَقَوْلُهُ: {وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} أَيْ: يَأْمُرُ بِصِلَةِ الْأَرْحَامِ، كَمَا قَالَ: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الْإِسْرَاءِ: 26] .
وَقَوْلُهُ: {وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} فَالْفَوَاحِشُ: الْمُحَرَّمَاتُ. وَالْمُنْكَرَاتُ: مَا ظَهَرَ مِنْهَا مِنْ فَاعِلِهَا؛ وَلِهَذَا قِيلَ فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الْأَعْرَافِ: 33] . وَأَمَّا الْبَغْيُ فَهُوَ: الْعُدْوَانُ عَلَى النَّاسِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرَ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ

[1] في ف: "في".
[2] في ف: "يكون".
[3] في ف: "يكون".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 595
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست