responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 585
الْأَشْيَاءِ، {لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} فِي عَظَمَةِ خَالِقِهَا وَمُقَدِّرِهَا وَمُسَخِّرِهَا وَمُيَسِّرِهَا، فَيَسْتَدِلُّونَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ [الْفَاعِلُ] [1] الْقَادِرُ، الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ، الْكَرِيمُ الرَّحِيمُ.
{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70) }
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ تَصَرُّفِهِ فِي عِبَادِهِ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَهُمْ مِنَ الْعَدَمِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَوَفَّاهُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْرُكُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ الهَرَم -وَهُوَ الضَّعْفُ فِي الْخِلْقَةِ-كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الرُّومِ: 54] .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي أَرْذَلِ الْعُمُرِ [قَالَ] [2] خَمْسٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً. وَفِي هَذَا السِّنِّ يَحْصُلُ لَهُ ضَعْفُ الْقُوَى وَالْخَرَفُ وَسُوءُ الْحِفْظِ وَقِلَّةُ الْعِلْمِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا} [3] أي: بعد ما كَانَ عَالِمًا أَصْبَحَ لَا يَدْرِي شَيْئًا مِنَ الفَنَد وَالْخَرَفِ؛ وَلِهَذَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَعْوَرُ، عَنْ شُعَيب، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يَدْعُو: "أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ وَالْكَسَلِ، وَالْهَرَمِ وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ".
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ هَارُونَ الْأَعْوَرِ، بِهِ [4] .
وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى فِي مُعَلَّقَتِهِ [5] الْمَشْهُورَةِ:
سَئمتُ تَكَاليفَ الحيَاة ومَنْ يعشْ ... ثمانينَ عاما -لا أبَالك-يَسْأم ...
رَأيتُ المَنَايا خَبط عَشْواء مَنْ تصِبْ ... تمتْه ومَنْ تُخْطئ يُعَمَّرْ فَيهْرَمِ (6)
{وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71) }
يُبَيِّنُ تَعَالَى لِلْمُشْرِكِينَ جَهْلَهُمْ وَكُفْرَهُمْ فِيمَا زَعَمُوهُ [7] لِلَّهِ مِنَ الشُّرَكَاءِ، وَهُمْ يَعْتَرِفُونَ [8] أَنَّهَا عَبِيدٌ لَهُ، كَمَا كَانُوا يَقُولُونَ فِي تَلْبِيَاتِهِمْ فِي حَجِّهِمْ: "لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ". فَقَالَ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ: إِنَّكُمْ [9] لَا تَرْضَوْنَ أَنْ تُسَاوُوا عَبِيدَكُمْ فِيمَا رَزَقْنَاكُمْ، فَكَيْفَ يَرْضَى هُوَ تَعَالَى بِمُسَاوَاةِ عَبِيدِهِ لَهُ فِي الْإِلَهِيَّةِ وَالتَّعْظِيمِ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [10] الآية [الروم: 28] .

[1] زيادة من ف، أ.
[2] زيادة من ت، ف، أ.
[3] في ت: "من بعد" وهو خطأ.
[4] صحيح البخاري برقم (4707) وصحيح مسلم برقم (2706) وليس في الصحيح: "والهرم".
[5] في ف: "قصيدته".
(6) ديوان زهير بن أبي سلمي (ص 29) .
[7] في ت، ف: "يزعمون".
[8] في ت، ف، أ: "يعرفون".
[9] في ت، ف، أ: "أنتم".
[10] في ت: "فيما".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 585
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست