responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 53
قَوْلُهُ: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} قَالَ الضَّحَّاكُ، وَابْنُ جُرَيْج، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: هُوَ مَا أَصَابَهُمْ يَوْمَ بَدْر مِنَ الْقَتْلِ والسَّبْي. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: عَذَابُ أَهْلِ الْإِقْرَارِ بِالسَّيْفِ، وَعَذَابُ أَهْلِ التَّكْذِيبِ بِالصَّيْحَةِ وَالزَّلْزَلَةِ.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37) }
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّان، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، والحُصَيْن بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالُوا: لَمَّا أُصِيبَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَ بَدْرٍ، وَرَجَعَ فَلُّهم إِلَى مَكَّةَ، وَرَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ بِعِيرِه، مَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ أُصِيبَ آبَاؤُهُمْ، وَأَبْنَاؤُهُمْ وَإِخْوَانُهُمْ بِبَدْرٍ، فَكَلَّمُوا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ فِي تِلْكَ [1] الْعِيرِ مِنْ قُرَيْشٍ تِجَارَةٌ، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ وَتَرَكم وَقَتَلَ خِيَارَكُمْ، فَأَعِينُونَا بِهَذَا الْمَالِ عَلَى حَرْبِهِ، لَعَلَّنَا أَنْ نُدْرِكَ مِنْهُ ثَأْرًا بِمَنْ أُصِيبَ مِنَّا! فَفَعَلُوا. قَالَ: فَفِيهِمْ -كَمَا ذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -أَنْزَلَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ [لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ] } [2] إِلَى قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} (3)
وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، والحَكَم بْنِ عُتَيْبَةَ، وقَتَادَةَ، والسُّدِّي، وَابْنِ أبزَى: أَنَّهَا نَزَلَتْ [4] فِي أَبِي سُفْيَانَ وَنَفَقَتِهِ الْأَمْوَالَ فِي أُحُد لِقِتَالِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ بَدْرٍ.
وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، فَهِيَ عَامَّةٌ. وَإِنْ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا خَاصًّا، فَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ الْكُفَّارَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنِ اتِّبَاعِ طَرِيقِ الْحَقِّ، فَسَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَذْهَبُ أَمْوَالُهُمْ، {ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} أَيْ: نَدَامَةً؛ حَيْثُ لَمْ تُجْدِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا إِطْفَاءَ نُورِ اللَّهِ وَظُهُورَ كَلِمَتِهِمْ عَلَى كَلِمَةِ الْحَقِّ، وَاللَّهُ مُتِمٌّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، وَنَاصِرٌ دِينَهُ، ومُعْلِن كَلِمَتَهُ، وَمُظْهِرٌ دِينَهُ عَلَى كُلِّ دِينٍ. فَهَذَا الْخِزْيُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ، فَمَنْ عَاشَ مِنْهُمْ، رَأَى بِعَيْنِهِ وَسَمِعَ بِأُذُنِهِ مَا يَسُوءُهُ، وَمَنْ قُتِل مِنْهُمْ أَوْ مَاتَ، فَإِلَى الخِزْي الْأَبَدِي وَالْعَذَابِ السَّرْمَدِيّ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}

[1] في م، أ: "ذلك".
[2] زيادة من م.
(3) ورواه الطبري في تفسيره (13/532) .
[4] في م: "أنزلت".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست