responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 487
عَلَى غَيْرِ أَسَاسٍ صَحِيحٍ؛ فَانْهَارَتْ وعَدِمُوها أَحْوَجَ مَا كَانُوا إِلَيْهَا، فَقَالَ تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ} أَيْ: مَثَلُ أَعْمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا طَلَبُوا ثَوَابَهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا، وَلَا أَلْفَوْا حَاصِلًا إِلَّا كَمَا يتحصَّل مِنَ الرَّمَادِ إِذَا اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ الْعَاصِفَةُ {فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} أَيْ: ذِي رِيحٍ عَاصِفَةٍ قَوِيَّةٍ، فَلَا [يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي كَسَبُوهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَمَا] [1] يَقْدِرُونَ عَلَى جَمْعِ هَذَا الرَّمَادِ فِي هَذَا الْيَوْمِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الْفُرْقَانِ: 23] ، وَقَالَ تَعَالَى: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ} [آلِ عِمْرَانَ: 117] ، وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [الْبَقَرَةِ: 264] .
وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ} أَيْ: سَعْيُهُمْ وَعَمَلُهُمْ عَلَى غَيْرِ أَسَاسٍ وَلَا اسْتِقَامَةٍ حَتَّى فَقَدُوا ثَوَابَهُمْ أَحْوَجَ مَا هُمْ إِلَيْهِ، {ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ} [2] .

[1] زيادة من ت، أ.
[2] في ت، أ: "هذا" وهو خطأ.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20) }
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ قُدْرَتِهِ عَلَى مَعَادِ الْأَبْدَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِأَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ، أَفَلَيْسَ الَّذِي قَدَرَ عَلَى خَلْقِ هَذِهِ السَّمَوَاتِ، فِي ارْتِفَاعِهَا وَاتِّسَاعِهَا وَعَظَمَتِهَا وَمَا فِيهَا مِنَ الْكَوَاكِبِ الثَّوَابِتِ وَالسَّيَّارَاتِ، وَالْحَرَكَاتِ الْمُخْتَلِفَاتِ، وَالْآيَاتِ الْبَاهِرَاتِ، وَهَذِهِ الْأَرْضُ بِمَا فِيهَا مِنْ مِهَادٍ وَوِهَادٍ وَأَوْتَادٍ، وَبَرَارِي وَصَحَارِي وَقِفَارٍ، وَبِحَارٍ وَأَشْجَارٍ، وَنَبَاتٍ وَحَيَوَانٍ، عَلَى اخْتِلَافِ أَصْنَافِهَا وَمَنَافِعِهَا، وَأَشْكَالِهَا وَأَلْوَانِهَا؛ {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الْأَحْقَافِ: 33] ، وَقَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَ الإنْسَانُ [1] أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 77 -83] .
وَقَوْلُهُ: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} أَيْ: بِعَظِيمٍ وَلَا مُمْتَنِعٍ، بَلْ هُوَ سَهْلٌ عَلَيْهِ إِذَا خَالَفْتُمْ أَمْرَهُ، أَنْ يُذْهِبَكُمْ وَيَأْتِيَ بِآخَرِينَ عَلَى غَيْرِ صِفَتِكُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [فَاطِرٍ: 15 -17] ،

[1] في ت، أ: "ولقد خلقنا الإنسان" وهو خطأ.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 487
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست