responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 463
وفي الصحيحين: "إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هُودٍ: 102] . (1)
{أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الأرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) }
يَقُولُ تَعَالَى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} أَيْ: حَفِيظٌ عَلِيمٌ رَقِيبٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ، يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يُونُسَ: 61] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا} [الْأَنْعَامِ: 59] وَقَالَ {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هُودٍ:6] وَقَالَ {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرَّعْدِ: 10] وَقَالَ {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طَهَ: 7] وَقَالَ {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الْحَدِيدِ [4] أَفَمَنْ هُوَ هَكَذَا كَالْأَصْنَامِ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا [2] لَا تَسْمَعُ وَلَا تُبْصِرُ وَلَا تَعْقِلُ، وَلَا تَمْلِكُ نَفْعًا لِأَنْفُسِهَا وَلَا لِعَابِدِيهَا، وَلَا كَشْفَ ضُرٍّ عَنْهَا وَلَا عَنْ عَابِدِيهَا؟ وَحَذَفَ هَذَا الْجَوَابَ اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ} أَيْ: عَبَدُوهَا مَعَهُ، مِنْ أَصْنَامٍ وَأَنْدَادٍ وَأَوْثَانٍ.
{قُلْ سَمُّوهُمْ} أَيْ: أَعْلِمُونَا بِهِمْ، وَاكْشِفُوا عَنْهُمْ حَتَّى يُعرَفوا، فَإِنَّهُمْ لَا حَقِيقَةَ لَهُمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الأرْضِ} أَيْ: لَا وُجُودَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ [3] وُجُودٌ فِي الْأَرْضِ لَعَلِمَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ.
{أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} قَالَ مُجَاهِدٌ: بِظَنٍّ مِنَ الْقَوْلِ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ: بِبَاطِلٍ مِنَ الْقَوْلِ.
أَيْ إِنَّمَا عَبَدْتُمْ هَذِهِ الْأَصْنَامَ بِظَنٍّ مِنْكُمْ أَنَّهَا تَنْفَعُ وَتَضُرُّ، وَسَمَّيْتُمُوهَا آلِهَةً، {إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النَّجْمِ: 23] .
{بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ} قَالَ مُجَاهِدٌ: قَوْلُهُمْ، أَيْ: مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الضلال والدعوة إليه

(1) صحيح البخاري برقم (4686) وصحيح مسلم برقم (2583) من حديث أبي موسى، رضي الله عنه.
[2] في ت، أ: "عبدوها".
[3] في ت، أ: "لها".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 463
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست