responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 408
{قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَئِنَّكَ لأنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) }
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ يُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ لَهُ إِخْوَتُهُ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْجَهْدِ وَالضِّيقِ وَقِلَّةِ الطَّعَامِ وَعُمُومِ الْجَدْبِ، وَتَذَكَّرَ أَبَاهُ وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْحُزْنِ لِفَقْدِ وَلَدَيْهِ، مَعَ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ وَالتَّصَرُّفِ وَالسَّعَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَتْهُ رِقَّةٌ وَرَأْفَةٌ وَرَحْمَةٌ وَشَفَقَةٌ عَلَى أَبِيهِ وَإِخْوَتِهِ، وَبَدَرَهُ الْبُكَاءُ، فَتَعَرَّفَ إِلَيْهِمْ، يُقَالُ [1] إِنَّهُ رَفَعَ التَّاجَ عَنْ جَبْهَتِهِ، وَكَانَ فِيهَا شَامَةٌ، وَقَالَ: {هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ} ؟ يَعْنِي: كَيْفَ فَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ {إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ} أَيْ: إِنَّمَا حَمَلَكُمْ عَلَى هَذَا [2] الْجَهْلُ بِمِقْدَارِ هَذَا الَّذِي ارْتَكَبْتُمُوهُ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ، وَقَرَأَ: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النَّحْلِ: 119] .
وَالظَّاهِرُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ -أَنَّ يُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِنَّمَا تَعَرَّفَ إِلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ، بِإِذْنِ اللَّهِ لَهُ فِي ذَلِكَ، كَمَا أَنَّهُ إِنَّمَا أَخْفَى مِنْهُمْ نَفْسَهُ فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ [3] بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فِي ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَكِنْ لَمَّا ضَاقَ الْحَالُ وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ، فَرَّج اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ الضِّيقِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [4] [الشَّرْحِ: [5]، [6]] ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالُوا: {أَئِنَّكَ لأنْتَ يُوسُفُ} ؟
وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: "أَوَ أَنْتَ [5] يُوسُفُ"، وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِن: "إنَّك لأنتَ [6] يُوسُفُ". وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ هِيَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِعْظَامِ، أَيْ: إِنَّهُمْ تَعجَّبوا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ مِنْ سَنَتَيْنِ وَأَكْثَرَ، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ، وَهُوَ مَعَ هَذَا يَعْرِفُهُمْ وَيَكْتُمُ نَفْسَهُ، فَلِهَذَا قَالُوا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِفْهَامِ: {أَئِنَّكَ لأنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي} {قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} أَيْ: بِجَمْعِهِ بَيْنَنَا بَعْدَ التَّفْرِقَةِ وَبَعْدَ الْمُدَّةِ، {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} يَقُولُونَ مُعْتَرِفِينَ لَهُ بِالْفَضْلِ وَالْأَثْرَةِ عَلَيْهِمْ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ، وَالسَّعَةِ وَالْمُلْكِ، وَالتَّصَرُّفِ وَالنُّبُوَّةِ أَيْضًا -عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُمْ أَنْبِيَاءَ -وَأَقَرُّوا لَهُ بِأَنَّهُمْ أَسَاءُوا إِلَيْهِ وَأَخْطَئُوا فِي حَقِّهِ.
{قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} يَقُولُ: لَا تَأْنِيبَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَتْب عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ، وَلَا أُعِيدُ [7] ذَنْبَكُمْ فِي حَقِّي بَعْدَ اليوم.

[1] في ت، أ: "فيقال".
[2] في أ: "ذلك".
[3] في ت، أ: "الأولتين".
[4] في ت، أ: "إن" وهو خطأ.
[5] في أ: "أو إنك".
[6] في ت، أ: "وأنت".
[7] في ت، أ: "ولا أعيد عليكم".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 408
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست