responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 372
{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10) }
يَقُولُ تَعَالَى: لَقَدْ كَانَ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ وَخَبَرِهِ مَعَ إِخْوَتِهِ آيَاتٌ، أَيْ عبرةٌ ومواعظُ لِلسَّائِلِينَ عَنْ ذَلِكَ، الْمُسْتَخْبِرِينَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ خَبَرٌ عَجِيبٌ، يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسْتَخْبَرَ عَنْهُ، {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا} أَيْ: حَلَفُوا فِيمَا يَظُنُّونَ: وَاللَّهِ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ -يَعْنُونُ بِنْيَامِينَ، وَكَانَ شَقِيقَهُ لِأُمِّهِ - {أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} أَيْ: جَمَاعَةٌ، فَكَيْفَ أَحَبَّ ذَيْنِكَ الِاثْنَيْنِ أَكْثَرَ مِنَ الْجَمَاعَةِ؛ {إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} يَعْنُونَ فِي تَقْدِيمِهِمَا عَلَيْنَا، وَمَحَبَّتِهِ إِيَّاهُمَا أَكْثَرَ مِنَّا.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى نُبُوَّةِ إِخْوَةِ يُوسُفَ، وَظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُمْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ. وَيَحْتَاجُ مُدّعي ذَلِكَ إِلَى دَلِيلٍ، وَلَمْ يَذْكُرُوا سوَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ} [الْبَقَرَةِ: 136] ، وَهَذَا فِيهِ احْتِمَالٌ؛ لِأَنَّ بُطُونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُمُ: الْأَسْبَاطُ، كَمَا يُقَالُ لِلْعَرَبِ: قَبَائِلُ، وَلِلْعَجَمِ: شُعُوبٌ؛ يَذْكُرُ تَعَالَى أَنَّهُ أَوْحَى إِلَى الْأَنْبِيَاءِ مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَذَكَرَهُمْ إِجْمَالًا لِأَنَّهُمْ كَثِيرُونَ، وَلَكِنَّ كُلَّ سِبْطٍ مِنْ نَسْلِ رَجُلٍ مِنْ إِخْوَةِ يُوسُفَ، وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَعْيَانِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُمْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
{اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} يَقُولُونَ: هَذَا الَّذِي يُزَاحِمُكُمْ فِي مَحَبَّةِ أَبِيكُمْ لَكُمْ، أَعْدِمُوهُ مِنْ وَجْهِ أَبِيكُمْ، لِيَخْلُوَ لَكُمْ وَحْدَكُمْ، إِمَّا بِأَنْ تَقْتُلُوهُ، أَوْ تُلْقُوهُ فِي أَرْضٍ مِنَ الْأَرَاضِي -تَسْتَرِيحُوا مِنْهُ، وَتَخْتَلُوا أَنْتُمْ بِأَبِيكُمْ، وَتَكُونُوا مِنْ [1] بَعْدِ إِعْدَامِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ. فَأَضْمَرُوا التَّوْبَةَ قَبْلَ الذَّنْبِ.
{قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ} قَالَ قَتَادَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ أَكْبَرَهُمْ وَاسْمُهُ رُوبِيلُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: الَّذِي قَالَ ذَلِكَ يَهُوذَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ شَمْعُونُ {لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ} أَيْ: لَا تَصِلوا [2] فِي عَدَاوَتِهِ وَبُغْضِهِ إِلَى قَتْلِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ [3] سبيلٌ إِلَى قَتْلِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ يُرِيدُ مِنْهُ أَمْرًا لَا بُدَّ مِنْ إِمْضَائِهِ وَإِتْمَامِهِ، مِنَ الْإِيحَاءِ إِلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ، وَمِنَ التَّمْكِينِ لَهُ بِبِلَادِ مِصْرَ وَالْحُكْمِ بِهَا، فَصَرَفَهُمُ اللَّهُ عَنْهُ بِمَقَالَةِ رُوبِيلَ فِيهِ وَإِشَارَتِهِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يُلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ، وَهُوَ أَسْفَلَهُ.
قَالَ قَتَادَةُ: وَهِيَ بِئْرُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
{يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ} أَيْ: الْمَارَّةُ مِنَ الْمُسَافِرِينَ، فَتَسْتَرِيحُوا بِهَذَا، وَلَا حَاجَةَ إِلَى قَتْلِهِ.
{إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} أَيْ: إِنْ كُنْتُمْ عَازِمِينَ عَلَى مَا تَقُولُونَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ: لَقَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى أمر عظيم، من قطيعة الرحم، وعقوق

[1] في أ: "وتكونوا من بعده، أي من بعد".
[2] في أ: "لا تغلوا".
[3] في ت: "له".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 372
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست