responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 363
وَقَدِ اخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ [1] وَالْفَرَّاءُ.
وَعَنْ مَالِكٍ فِيمَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي التَّفْسِيرِ: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} قَالَ: لِلرَّحْمَةِ، وَقَالَ قَوْمٌ: لِلِاخْتِلَافِ.
وَقَوْلُهُ: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِي قَضَائِهِ وَقَدَرِهُ، لِعِلْمِهِ التَّامِّ وَحِكْمَتِهِ النَّافِذَةِ، أَنَّ مِمَّنْ [2] خَلَقَهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْجَنَّةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَحِقُّ النَّارَ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَمْلَأَ جَهَنَّمَ مِنْ هَذَيْنَ الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَلَهُ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ وَالْحِكْمَةُ التَّامَّةُ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اخْتَصَمَتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ الْجَنَّةُ: مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضَعَفَةُ النَّاسِ وسَقطُهم؟ وَقَالَتِ النَّارَ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ. فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْجَنَّةِ، أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ. وَقَالَ لِلنَّارِ: أَنْتَ عَذَابِي، أَنْتَقِمُ بِكِ مِمَّنْ أَشَاءُ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا. فَأَمَّا الْجَنَّةُ فَلَا يَزَالُ فِيهَا فَضْلٌ، حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا يَسْكُنُ فَضْلَ الْجَنَّةِ، وَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَزَالُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ رَبُّ الْعِزَّةِ قَدمه، فَتَقُولُ: قَطْ قَطٍ، وَعَزَّتِكُ" [3] .
{وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120) }
يَقُولُ تَعَالَى: وَكُلُّ أَخْبَارٍ نَقُصُّهَا عَلَيْكَ، مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ الْمُتَقَدِّمِينَ قَبْلَكَ مَعَ أُمَمِهِمْ، وَكَيْفَ جَرَى لَهُمْ مِنَ الْمَحَاجَّاتِ وَالْخُصُومَاتِ، وَمَا احْتَمَلَهُ الْأَنْبِيَاءُ مِنَ التَّكْذِيبِ وَالْأَذَى، وَكَيْفَ نَصَرَ اللَّهُ حِزْبَهُ الْمُؤْمِنِينَ وَخَذَلَ أَعْدَاءَهُ الْكَافِرِينَ -كُلُّ هَذَا مِمَّا نُثْبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ -يَا مُحَمَّدُ -أَيْ: قَلْبَكَ، لِيَكُونَ لَكَ بِمَنْ مَضَى مِنْ إِخْوَانِكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ أسْوةً.
وَقَوْلُهُ: {وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ} أَيْ: [فِي] [4] هَذِهِ السُّورَةِ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ. وَعَنِ الْحَسَنِ -فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ -وَقَتَادَةَ: فِي هَذِهِ الدُّنْيَا.
وَالصَّحِيحُ: فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَكَيْفَ نَجّاهم [5] اللَّهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِمْ، وَأَهْلَكَ الْكَافِرِينَ، جَاءَكَ فِيهَا قَصَصُ حَقٍّ، وَنَبَأُ صِدْقٍ، وَمَوْعِظَةٌ يَرْتَدِعُ بِهَا الْكَافِرُونَ، وَذِكْرَى يَتَوَقَّرُ [6] بِهَا الْمُؤْمِنُونَ.
{وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122) }

[1] في ت، أ: "وأبو عبيد".
[2] في ت، أ: "من".
[3] صحيح البخاري برقم (7449) وصحيح مسلم برقم (2846) .
[4] زيادة من أ.
[5] في ت، أ: "أنجاهم".
[6] في ت، أ: "يتذكر".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست