responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 314
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ بِهِ [1] .
وَقَوْلُهُ: {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} أَيْ يردُّون الناسَ عَنِ اتِّبَاعِ الْحَقِّ وَسُلُوكِ طَرِيقِ [2] الْهُدَى الْمُوَصِّلَةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيُجَنِّبُونَهُمُ [3] الْجَنَّةَ، {وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} أَيْ: وَيُرِيدُونَ أَنْ يَكُونَ طَرِيقُهُمْ [4] عِوَجًا غَيْرَ مُعْتَدِلَةٍ، {وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} أَيْ: جَاحِدُونَ بِهَا مُكَذِّبُونَ بِوُقُوعِهَا وَكَوْنِهَا.
{أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} أَيْ: بَلْ كَانُوا تَحْتَ قَهْرِهِ وَغَلَبَتِهِ، وَفِي قَبْضَتِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ، وَلَكِنْ {يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ} [إِبْرَاهِيمَ: 42] ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: "إِنَّ اللَّهَ ليُملي لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذَا أخذَه لَمْ يُفْلته"؛ [5] وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} أَيْ: يُضَاعَفُ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً، فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ [مِنْ شَيْءٍ] [6] ، بَلْ كَانُوا صُمَّا عَنْ سَمَاعِ الْحَقِّ، عُميا عَنِ اتِّبَاعِهِ، كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْهُمْ حِينَ دُخُولِهِمُ النَّارَ: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الْمُلْكِ: 10] ، وَقَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} [النَّحْلِ: 88] ؛ وَلِهَذَا يُعَذَّبُونَ عَلَى كُلِّ أَمْرٍ تَرَكُوهُ، وَعَلَى كُلِّ نَهْيٍ ارْتَكَبُوهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ أصحَّ الْأَقْوَالِ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِفُرُوعِ الشَّرَائِعِ أَمْرِهَا وَنَهْيِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ.
وَقَوْلُهُ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} أَيْ: خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا [7] نَارًا حَامِيَةً، فَهُمْ مُعَذَّبُونَ فِيهَا لَا يُفَتَّر عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الْإِسْرَاءِ: 97] .
وَ {ضَلَّ عَنْهُمْ} أَيْ: ذَهَبَ عَنْهُمْ {مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْأَصْنَامِ، فَلَمْ تُجْد عَنْهُمْ شَيْئًا، بَلْ ضَرَّتْهُمْ كُلَّ الضَّرَرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الْأَحْقَافِ: [6]] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مَرْيَمَ: 81، 82] ، [8] وَقَالَ الْخَلِيلُ لِقَوْمِهِ: {إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [الْعَنْكَبُوتِ: 25] ، [9] وَقَالَ تَعَالَى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسْبَابُ} [البقرة: 166] ؛

[1] المسند (2/74) وصحيح البخاري برقم (4685) وصحيح مسلم برقم (1768) .
[2] في ت: "طرق".
[3] في ت: "وبحبحة".
[4] في ت، أ: "طريق الحق".
[5] صحيح البخاري برقم "4086" وصحيح مسلم برقم "2583" مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عنه.
[6] زيادة من أ.
[7] في ت: "أدخلوا".
[8] في ت: "ويكونوا".
[9] في ت: "ويوم".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 314
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست