responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 305
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ غَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {يَسْتَغْشُونَ} يُغَطُّونَ رُءُوسَهُمْ [1] .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: يَعْنِي بِهِ الشَّكَّ فِي اللَّهِ، وَعَمَلَ السَّيِّئَاتِ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَغَيْرِهِمْ: أَيْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ إِذَا قَالُوا شَيْئًا أَوْ عَمِلُوهُ، يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ بِذَلِكَ، فَأَعْلَمُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ [2] حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ عِنْدَ مَنَامِهِمْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ} [3] مِنَ الْقَوْلِ: {وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} أَيْ: يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ مِنَ النِّيَّاتِ وَالضَّمَائِرِ وَالسَّرَائِرِ. وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى فِي مُعَلَّقَتِهِ الْمَشْهُورَةِ:
فَلا تَكْتُمُنَّ اللَّهَ مَا فِي نُفُوسِكُمْ ... لِيُخْفَى، فَمَهْمَا يُكتم [4] اللَّهُ يَعْلم ...
يُؤخَر فيوضَع فِي كِتَابٍ فَيُدخَر ... لِيَوْمِ حِسَابٍ، أَوْ يُعَجل فَيُنْقمِ [5] (6)
فَقَدِ اعْتَرَفَ هَذَا الشَّاعِرُ الْجَاهِلِيُّ بِوُجُودِ الصَّانِعِ وَعِلْمِهِ بِالْجُزْئِيَّاتِ، وَبِالْمَعَادِ وَبِالْجَزَاءِ، وَبِكِتَابَةِ الْأَعْمَالِ فِي الصُّحُفِ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ: كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَنَى [7] صَدْرَهُ، وَغَطَّى رَأْسَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ.
وَعَوْدُ الضَّمِيرِ [8] عَلَى اللَّهِ أُولَى؛ لِقَوْلِهِ: {أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} .
وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَلا إِنِّهُمْ تَثْنوني [9] صُدُورُهُم"، بِرَفْعِ الصدور على الفاعلية، وهو قريب المعنى.

[1] صحيح البخاري برقم (4681 - 4683) .
[2] في ت، أ: "أنه".
[3] في ت، أ: "يسرونه".
[4] في ت: "تكتم".
[5] في ت: "فينتقم".
(6) البيت في تفسير الطبري (15/233) .
[7] في ت، أ: "ثنى عنه".
[8] في ت، أ: "الضمير أولا".
[9] في ت، أ: "يثنوني".
{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) }
أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ مُتَكَفِّلٌ بِأَرْزَاقِ الْمَخْلُوقَاتِ، مِنْ سَائِرِ دَوَابِّ الْأَرْضِ، صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا، بَحْرِيِّهَا، وَبَرِّيِّهَا، وَأَنَّهُ {يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} أَيْ: يَعْلَمُ أَيْنَ مُنتهى سَيْرِهَا فِي الْأَرْضِ، وَأَيْنَ تَأْوِي إِلَيْهِ مِنْ وَكْرِهَا، وَهُوَ مُسْتَوْدَعُهَا.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا} أَيْ: حَيْثُ تَأْوِي، {وَمُسْتَوْدَعَهَا} حَيْثُ تَمُوتُ.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ: {مُسْتَقَرَّهَا} فِي الرَّحِمِ، {وَمُسْتَوْدَعَهَا} فِي الصُّلْبِ، كَالَّتِي فِي الْأَنْعَامِ: وَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكِ، وَجَمَاعَةٍ. وَذَكَرَ [1] ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَقْوَالَ الْمُفَسِّرِينَ هَاهُنَا، كَمَا ذكره

[1] في أ: "وقال".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 305
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست