responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 210
مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ النَّارَ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ: قَالَ: "يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ" [1] تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
{وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106) }
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ومجاهدُ وعِكْرِمة، وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: هُمُ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ خُلِّفُوا، أَيْ: عَنِ التَّوْبَةِ، وَهُمْ: مَرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، قَعَدُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فِي جُمْلَةِ مَنْ قَعَدَ، كَسَلًا وَمَيْلًا إِلَى الدَّعَة وَالْحِفْظِ وَطَيِّبِ الثِّمَارِ وَالظِّلَالِ، لَا شَكًّا وَنِفَاقًا، فَكَانَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ رَبَطوا أَنْفُسَهُمْ بِالسَّوَارِي، كَمَا فَعَلَ أَبُو لُبابة وَأَصْحَابُهُ، وَطَائِفَةٌ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ وَهُمْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورُونَ، فَنَزَلَتْ تَوْبَةُ أُولَئِكَ قَبْلَ هَؤُلَاءِ، وَأَرْجَى هَؤُلَاءِ عَنِ التَّوْبَةِ حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ الْآتِيَةُ، وَهِيَ قَوْلُهُ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ} الْآيَةَ [التَّوْبَةِ: 117] ، {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ [وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ] } [2] الْآيَةَ [التَّوْبَةِ: 118] ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ.
وَقَوْلُهُ: {إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} أَيْ: هُمْ تَحْتَ عَفْوِ اللَّهِ، إِنْ شَاءَ فَعَلَ بِهِمْ هَذَا، وَإِنْ شَاءَ فَعَلَ بِهِمْ ذَاكَ، وَلَكِنَّ رَحْمَتَهُ تَغْلِبُ غَضَبَهُ، وَهُوَ {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أَيْ: عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْعَفْوَ، حَكِيمٌ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ.

[1] المسند (3/120) وقال الهيثمي في المجمع (7/211) : "ورجاله رجال الصحيح".
[2] زيادة من ك.
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) }
سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ [1] الْكَرِيمَاتِ: أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ مَقدَم رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ يُقَالُ لَهُ: "أَبُو عَامِرٍ الراهبُ"، وَكَانَ قَدْ تَنَصَّر فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَرَأَ علْم أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَانَ فِيهِ عِبَادَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَهُ شَرَفٌ فِي الْخَزْرَجِ كَبِيرٌ. فَلَمَّا قَدم رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، وَصَارَتْ لِلْإِسْلَامِ كَلِمَةٌ عَالِيَةٌ، وَأَظْهَرَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ، شَرِق اللَّعِينُ أَبُو عَامِرٍ بِرِيقِهِ، وَبَارَزَ بِالْعَدَاوَةِ، وَظَاهَرَ بِهَا، وَخَرَجَ فَارًّا إِلَى كُفَّارِ مَكَّةَ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ فألَّبهم عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاجْتَمَعُوا بِمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَقَدِمُوا عَامَ أُحُدٍ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ مَا كَانَ،

[1] في أ: "الآية".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 210
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست