responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 198
قَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: "وَجَاءَ المُعْذَرُون" بِالتَّخْفِيفِ، وَيَقُولُ: هُمْ أَهْلُ الْعُذْرِ.
وَكَذَا رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيد، عَنْ مُجَاهِدٍ سَوَاءً.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُمْ نَفَر مِنْ بَنِي غِفَارٍ مِنْهُمْ: خُفاف بْنُ إِيمَاءَ بْنِ رَحَضة.
وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْأَظْهَرُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ هَذَا: {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أَيْ: لَمْ يَأْتُوا فَيَعْتَذِرُوا.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأعْرَابِ} قَالَ: نَفَرٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، جَاءُوا فَاعْتَذَرُوا فَلَمْ يُعذرْهم اللَّهُ. وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ [1] واللَّهُ أَعْلَمُ، لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أَيْ: وَقَعَدَ آخَرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ عَنِ الْمَجِيءِ لِلِاعْتِذَارِ، ثُمَّ أَوْعَدَهُمْ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ، فَقَالَ: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (92) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93) }
ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى الْأَعْذَارَ الَّتِي لَا حَرَج عَلَى مَنْ قَعَدَ فِيهَا عَنِ الْقِتَالِ، فَذَكَرَ مِنْهَا مَا هُوَ لَازِمٌ لِلشَّخْصِ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ، وَهُوَ الضَّعْفُ فِي التَّرْكِيبِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ الْجِلَادَ فِي الْجِهَادِ، وَمِنْهُ الْعَمَى والعَرَج وَنَحْوُهُمَا، وَلِهَذَا بَدَأَ بِهِ. مَا هُوَ عَارِضٌ بِسَبَبِ مَرَضٍ عَنَّ لَهُ فِي بَدَنِهِ، شَغَلَهُ عَنِ الْخُرُوجِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ بِسَبَبِ فَقْرِهِ [2] لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّجَهُّزِ لِلْحَرْبِ، فَلَيْسَ عَلَى هَؤُلَاءِ حَرَج إِذَا قَعَدُوا وَنَصَحُوا فِي حَالِ قُعُودِهِمْ، وَلَمْ يُرْجِفُوا بِالنَّاسِ، وَلَمْ يُثَبِّطوهم، وَهُمْ مُحْسِنُونَ فِي حَالِهِمْ هَذَا؛ وَلِهَذَا قَالَ: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ الْحَوَارِيُّونَ: يَا رُوحَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا عَنِ النَّاصِحِ لِلَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي يُؤثِر حَقَّ اللَّهِ عَلَى حَقِّ النَّاسِ، وَإِذَا حَدَثَ لَهُ أَمْرَانِ -أَوْ: بَدَا لَهُ أَمْرُ الدُّنْيَا وَأَمْرُ الْآخِرَةِ -بَدَأَ بِالَّذِي لِلْآخِرَةِ ثُمَّ تَفَرَّغَ لِلَّذِي للدنيا.

[1] في أ: "أولى".
[2] في ت، أ: "فقر".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست