responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 186
مَجْلِسِنَا بِالْبَقِيعِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي -أَوْ: عَمِّي أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَقِيعِ، وَهُوَ يَقُولُ: "مَنْ يَتَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ أَشْهَدُ لَهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ"؟ قَالَ: فَحَلَلْتُ مِنْ عِمَامَتِي لَوْثًا أَوْ لَوْثَيْنِ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِمَا، فَأَدْرَكَنِي مَا يُدْرِكُ ابْنَ آدَمَ، فَعَقَدْتُ عَلَى عِمَامَتِي. فَجَاءَ رَجُلٌ لَمْ أَرَ بِالْبَقِيعِ رَجُلًا أَشَدَّ سَوَادًا [وَلَا] [1] أَصْغَرَ مِنْهُ، وَلَا أدمَّ بِبَعِيرٍ [2] سَاقَهُ، لَمْ أَرَ بِالْبَقِيعِ نَاقَةً أَحْسَنَ مِنْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَدَقَةٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ" فَقَالَ: دُونَكَ هَذِهِ النَّاقَةُ. قَالَ: فَلَمَزَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَذَا يَتَصَدَّقُ بِهَذِهِ فَوَاللَّهِ لَهِيَ خَيْرٌ مِنْهُ. قَالَ: فَسَمِعَهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "كَذَبْتَ بَلْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ وَمِنْهَا" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: "وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْمِئِينَ مِنَ الْإِبِلِ" ثَلَاثًا. قَالُوا: إِلَّا مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا"، وَجَمَعَ بَيْنَ كَفَّيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: "قَدْ أَفْلَحَ الْمُزْهِدُ الْمُجْهِدُ" ثَلَاثًا: الْمُزْهِدُ فِي الْعَيْشِ، الْمُجْهِدُ فِي الْعِبَادَةِ (3)
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَالَ: جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصَاعٍ مِنْ طَعَامٍ، فَقَالَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ: وَاللَّهِ مَا جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِمَا جَاءَ بِهِ إِلَّا رِيَاءً. وَقَالُوا: إِنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَغَنِيَّيْنِ عَنْ هَذَا الصَّاعِ (4)
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ يَوْمًا فَنَادَى فِيهِمْ: أَنِ اجْمَعُوا صَدَقَاتِكُمْ. فَجَمَعَ النَّاسُ صَدَقَاتِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ آخِرِهِمْ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ بِتُّ لَيْلَتِي أَجُرُّ بِالْجَرِيرِ الْمَاءَ، حَتَّى نِلْتُ صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ، فَأَمْسَكْتُ أَحَدُهُمَا، وَأَتَيْتُكَ بِالْآخَرِ. فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن يَنْثُرَهُ فِي الصَّدَقَاتِ. فَسَخِرَ مِنْهُ رِجَالٌ، وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولُهُ لَغَنِيَّانِ عَنْ هَذَا. وَمَا يَصْنَعَانِ [5] بِصَاعِكَ مِنْ شَيْءٍ. ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ؟ فَقَالَ "لَا" [6] فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: فَإِنَّ عِنْدِي مِائَةَ أُوقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ فِي الصَّدَقَاتِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمَجْنُونٌ أَنْتَ؟ قَالَ: لَيْسَ بِي جُنُونٌ. قَالَ: فَعَلْتَ [7] مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَالِي ثَمَانِيَةُ آلَافٍ، أَمَّا أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَأُقْرِضُهَا رَبِّي، وَأَمَّا أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَلِي. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيمَا أَمْسَكْتَ وَفِيمَا أَعْطَيْتَ". وَلَمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَعْطَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَطِيَّتَهُ إِلَّا رِيَاءً. وَهُمْ كَاذِبُونَ، إِنَّمَا كَانَ بِهِ مُتَطَوِّعًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، عُذْرَهُ وَعُذْرَ صَاحِبِهِ الْمِسْكِينِ الَّذِي جَاءَ بِالصَّاعِ مِنَ التَّمْرِ، فَقَالَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} الْآيَةَ.
وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ الْمُطَوِّعُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، تصدق

[1] زيادة من أ، والمسند.
[2] في ت، ك، أ: "بعير".
(3) المسند (5/34) .
(4) رواه الطبري في تفسيرة (14/382) .
[5] في ت، ك، أ: "يصنعون".
[6] في ت، ك: "لا لم يبق أحد غيرك".
[7] في ت، أ: "فقال أفعلت".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست