responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 155
يَقُولُ تَعَالَى: {إِلا تَنْصُرُوهُ} أَيْ: تَنْصُرُوا رَسُولَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُهُ وَمُؤَيِّدُهُ وَكَافِيهِ وَحَافِظُهُ، كَمَا تَوَلَّى نَصْرَهُ {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ [إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ] } [1] أَيْ: عَامَ الْهِجْرَةِ، لَمَّا هَمَّ الْمُشْرِكُونَ بِقَتْلِهِ أَوْ حَبْسِهِ أَوْ نَفْيِهِ، فَخَرَجَ مِنْهُمْ هَارِبًا صُحْبَةَ صدِّيقه وَصَاحِبِهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، فَلَجَأَ إِلَى غَارِ ثَوْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِيَرْجِعَ الطَّلَبُ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي آثَارِهِمْ، ثُمَّ يَسِيرَا نَحْوَ الْمَدِينَةِ، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَجْزَعُ أَنْ يَطَّلع عَلَيْهِمْ أَحَدٌ، فَيَخْلُصَ إِلَى الرَّسُولِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ [2] مِنْهُمْ أَذًى، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَكِّنه ويَثبِّته وَيَقُولُ: " يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا"، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، أَنْبَأَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ [3] نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ. قَالَ: فَقَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا".
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ (4)
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} أَيْ: تَأْيِيدَهُ وَنَصْرَهُ عَلَيْهِ، أَيْ: عَلَى الرَّسُولِ فِي أَشْهَرِ الْقَوْلَيْنِ: وَقِيلَ: عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ، قَالُوا: لِأَنَّ الرَّسُولَ لَمْ تَزَلْ مَعَهُ سَكِينَةٌ، وَهَذَا لَا يُنَافِي تَجَدُّدَ سَكِينَةٍ خَاصَّةٍ بِتِلْكَ الْحَالِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} أَيِ: الْمَلَائِكَةِ، {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا}
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي {كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا} الشِّرْكَ وَ {كَلِمَةُ اللَّهِ} هِيَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شُجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّة، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" (5)
وَقَوْلُهُ: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ} أَيْ: فِي انْتِقَامِهِ وَانْتِصَارِهِ، مَنِيعُ الْجَنَابِ، لَا يُضام مَنْ لَاذَ بِبَابِهِ، وَاحْتَمَى بِالتَّمَسُّكِ بِخِطَابِهِ، {حَكِيمٌ} في أقواله وأفعاله.

[1] زيادة من ك.
[2] في ك: "رسول الله صلى الله عليه وسلم".
[3] في ت: "أحدا".
(4) المسند (1/4) وصحيح البخاري برقم (3653) وصحيح مسلم برقم (2381) .
(5) صحيح البخاري برقم (2810) وصحيح مسلم برقم (1904) .
{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) }
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الضحَى مُسْلِمِ بْنِ صَبيح: هَذِهِ الْآيَةُ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا}
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست