responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 154
حَسَنَةٍ" ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ} [1] (2)
فَالدُّنْيَا مَا مَضَى مِنْهَا وَمَا بَقِيَ مِنْهَا عِنْدَ اللَّهِ قَلِيلٌ.
وَقَالَ [سُفْيَانُ] [3] الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ فِي الْآيَةِ: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ} قَالَ: كَزَادِ الرَّاكِبِ.
وَقَالَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ [4] عَنْ أَبِيهِ: لَمَّا حَضَرَتْ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ الوفاةُ قَالَ: ائْتُونِي بِكَفَنَيِ الَّذِي أُكَفَّنُ فِيهِ، أَنْظُرُ إِلَيْهِ [5] فَلَمَّا وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ نَظَر إِلَيْهِ فَقَالَ: أمَا لِي مِنْ كَبِير [6] مَا أُخَلِّفُ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا هَذَا؟ ثُمَّ وَلَّى ظَهْرَهُ فَبَكَى وَهُوَ يَقُولُ أفٍّ لَكِ مِنْ دَارٍ. إِنْ كَانَ كثيرُك لَقَلِيلٌ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلُكِ لَقَصِيرٌ، وَإِنْ كُنَّا مِنْكِ لَفِي غُرُورٍ.
ثُمَّ تَوَعَّدَ تَعَالَى عَلَى تَرْكِ الْجِهَادِ فَقَالَ: {إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اسْتَنْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيًّا مِنَ الْعَرَبِ، فَتَثَاقَلُوا عَنْهُ، فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُمُ القَطْر فَكَانَ عَذَابَهُمْ.
{وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} أَيْ: لِنُصْرَةِ نَبِيِّهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [مُحَمَّدٍ: 38] .
{وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا} أَيْ: وَلَا تَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا بِتَوَلِّيكُمْ عَنِ الْجِهَادِ، ونُكُولكم وَتَثَاقُلِكُمْ عَنْهُ، {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أَيْ: قَادِرٌ عَلَى الِانْتِصَارِ مِنَ الْأَعْدَاءِ بِدُونِكُمْ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ، وَقَوْلَهُ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} وَقَوْلَهُ {مَا كَانَ لأهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} [التَّوْبَةِ: 120] إِنَّهُنَّ مَنْسُوخَاتٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التَّوْبَةِ: 122] رُوي هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وعِكْرِمة، وَالْحَسَنِ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وَرَدَّهُ [7] ابْنُ جَرِيرٍ وَقَالَ: إِنَّمَا هَذَا فِيمَنْ دَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْجِهَادِ، فَتَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَلَوْ تَرَكُوهُ لَعُوقِبُوا عَلَيْهِ.
وَهَذَا لَهُ اتِّجَاهٌ، وَاللَّهُ [سُبْحَانَهُ وَ] [8] تَعَالَى أَعْلَمُ [بِالصَّوَابِ] (9)
{إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) }

[1] في ت، ك، أ: "ما الحياة" وهو خطأ.
(2) ورواه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن مردويه في تفسيره كما في الدر المنثور (5/193) .
[3] زيادة من ت، ك، أ.
[4] في أ: "حاتم".
[5] في ت: "فيه".
[6] في ت، ك، أ: "كثير".
[7] في أ: "ورواه".
[8] زيادة من ت، أ.
(9) زيادة من ت، أ.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست