responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 14
{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (6) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8) }
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ: اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي السَّبَبِ الْجَالِبِ لِهَذِهِ "الْكَافِ" فِي قَوْلِهِ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ} فَقَالَ بَعْضُهُمْ: شُبِّه بِهِ فِي الصَّلَاحِ لِلْمُؤْمِنِينَ، اتِّقَاؤُهُمْ رَبَّهُمْ، وَإِصْلَاحُهُمْ ذَاتَ بَيْنِهُمْ، وَطَاعَتُهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
ثُمَّ رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ نَحْوَ هَذَا.
وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: كَمَا أَنَّكُمْ لَمَّا اخْتَلَفْتُمْ فِي الْمَغَانِمِ وَتَشَاحَحْتُمْ فِيهَا فَانْتَزَعَهَا اللَّهُ مِنْكُمْ، وَجَعَلَهَا إِلَى قَسْمِهِ وَقَسْمِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1] فَقَسَّمَهَا عَلَى الْعَدْلِ وَالتَّسْوِيَةِ، فَكَانَ هَذَا هُوَ الْمَصْلَحَةَ التَّامَّةَ لَكُمْ، وَكَذَلِكَ لَمَّا كَرِهْتُمُ الْخُرُوجَ إِلَى الْأَعْدَاءِ مِنْ قتال ذات الشوكة -وهم النفير [2] النَّفِيرُ الَّذِينَ خَرَجُوا لِنَصْرِ دِينِهِمْ، وَإِحْرَازِ عِيرِهِمْ -فَكَانَ عَاقِبَةُ، كَرَاهَتِكُمْ لِلْقِتَالِ -بِأَنْ قدَّره لَكُمْ، وجَمَع بِهِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّكُمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ -رَشَدَا وَهُدًى، وَنَصْرًا وَفَتْحًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الْبَقَرَةِ: 216]
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} عَلَى كُرْهٍ مِنْ فَرِيقٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، كَذَلِكَ هُمْ كَارِهُونَ لِلْقِتَالِ، فَهُمْ يُجَادِلُونَكَ فِيهِ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ، ثُمَّ رَوَى نَحْوَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ} قَالَ: كَذَلِكَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ.
وَقَالَ السُّدِّي: أَنْزَلَ اللَّهُ فِي خُرُوجِهِ [3] إِلَى بَدْرٍ وَمُجَادَلَتِهِمْ إِيَّاهُ فَقَالَ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} لِطَلَبِ الْمُشْرِكِينَ {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ}
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ مُجَادَلَةً، كَمَا جَادَلُوكَ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالُوا: أَخْرَجْتَنَا للعِير، وَلَمْ تُعْلِمْنَا قِتَالًا فَنَسْتَعِدُّ لَهُ.
قُلْتُ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ طَالِبًا لِعِيرِ أَبِي سُفْيَانَ، الَّتِي بَلَغَهُ خَبَرُهَا أَنَّهَا صَادِرَةٌ مِنَ الشَّامِ، فِيهَا أَمْوَالٌ جَزِيلَةٌ لِقُرَيْشٍ فَاسْتَنْهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ خَف مِنْهُمْ، فَخَرَجَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا وَطَلَبَ نَحْوَ السَّاحِلِ مِنْ عَلَى طَرِيقِ بَدْرٍ، وَعَلِمَ أَبُو سُفْيَانَ بِخُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِ، فَبَعَثَ ضَمْضَم بْنَ عَمْرٍو نَذِيرًا إِلَى مَكَّةَ، فَنَهَضُوا فِي قَرِيبٍ مِنْ أَلْفِ مُقَنَّع، مَا بَيْنَ التِّسْعِمِائَةِ إِلَى الْأَلْفِ، وَتَيَامَنَ أَبُو سُفْيَانَ بِالْعِيرِ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ فَنَجَا، وَجَاءَ النَّفِيرُ فَوَرَدُوا مَاءَ بَدْرٍ، وَجَمَعَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، لِمَا يُرِيدُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ إعلاء كلمة المسلمين

[1] في ك، م، أ: "صلوات الله وسلامه عليه".
[2] في د: "وهو".
[3] في د: "خروجهم".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست