responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 138
وَالرُّهْبَانُ: عُبَّادُ النَّصَارَى، وَالْقِسِّيسُونَ: عُلَمَاؤُهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [الْمَائِدَةِ: 82]
وَالْمَقْصُودُ: التَّحْذِيرُ مِنْ عُلَمَاءِ السُّوءِ وعُبَّاد الضَّلَالِ [1] كَمَا قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: مَنْ فَسَدَ مِنْ عُلَمَائِنَا كَانَ فِيهِ شَبَهٌ مِنَ الْيَهُودِ، وَمَنْ فَسَدَ مِنْ عُبَّادنا كَانَ فِيهِ شَبَهٌ مِنَ النَّصَارَى. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "لَتَرْكَبُنَّ سَنَن مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْو القُذّة بالقُذّة". قَالُوا: الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: "فَمَنْ؟ ". وَفِي رِوَايَةٍ: فَارِسَ وَالرُّومَ؟ قَالَ: "وَمَن [2] النَّاسُ إِلَّا هَؤُلَاءِ؟ " (3)
وَالْحَاصِلُ التَّحْذِيرُ مِنَ التَّشَبُّهِ بِهِمْ فِي أَحْوَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ وَمَنَاصِبِهِمْ وَرِيَاسَتِهِمْ فِي النَّاسِ، يَأْكُلُونَ أَمْوَالَهُمْ بِذَلِكَ، كَمَا كَانَ لِأَحْبَارِ الْيَهُودِ عَلَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ شَرَفٌ، وَلَهُمْ عِنْدُهُمْ خَرْج وَهَدَايَا وَضَرَائِبُ تَجِيءُ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ [4] اسْتَمَرُّوا عَلَى ضَلَالِهِمْ وَكُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ، طَمَعًا مِنْهُمْ أَنْ تَبْقَى لَهُمْ تِلْكَ الرِّيَاسَاتُ، فَأَطْفَأَهَا اللَّهُ بِنُورِ النُّبُوَّةِ، وَسَلَبَهُمْ إِيَّاهَا، وَعَوَّضَهُمْ بِالذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} أَيْ: وَهُمْ مَعَ أَكْلِهِمُ الْحَرَامَ يَصُدُّونَ النَّاسَ عَنِ اتِّبَاعِ الْحَقِّ، ويُلبسون الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، وَيُظْهِرُونَ لِمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنَ الْجَهَلَةِ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ، وَلَيْسُوا كَمَا يَزْعُمُونَ، بَلْ هُمْ دُعَاةٌ إِلَى النَّارِ، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ.
وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ يَكْنزونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} هَؤُلَاءِ هُمُ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ رُءُوسِ النَّاسِ، فَإِنَّ النَّاسَ عَالَةٌ عَلَى الْعُلَمَاءِ، وَعَلَى العُبَّاد، وَعَلَى أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ، فَإِذَا فَسَدَتْ أَحْوَالُ هَؤُلَاءِ فَسَدَتْ أَحْوَالُ النَّاسِ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ (5)
وَهَل أفْسَدَ الدِّينَ إِلَّا المُلوكُ ... وَأحبارُ سُوءٍ وَرُهْبَانُها? ...
وَأَمَّا الْكَنْزُ فَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ الْمَالُ الَّذِي لَا تُؤَدَّى مِنْهُ الزَّكَاةُ.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عُبَيد اللَّهِ [6] عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا أُدِّي زكاتُه فَلَيْسَ بِكَنْزٍ وَإِنْ كَانَ تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِينَ، وَمَا [7] كَانَ ظَاهِرًا لَا تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَهُوَ كَنْزٌ [8] وَقَدْ رُوي هذا عن ابن

[1] في ت، د، ك، أ: "الضلالة".
[2] في ت، د، أ: "فمن".
(3) رواه البخاري في صحيحه برقم (3456) ومسلم في صحيحه برقم (2669) من حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
[4] في د: "صلى الله عليه وسلم".
(5) هو عبد الله بن المبارك رحمه الله.
[6] في أ: "عبد الله".
[7] في ت، أ: "وإن".
[8] رواه البيهقي في السنن الكبرى (4/82) من طريق سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عمر مرفوعا وقال: "ليس هذا بمحفوظ، وإنما المشهور عن سفيان عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عمر موقوفا".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست