responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 517
{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) }
يَقُولُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا} هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِآيَاتِنَا {مَا بِصَاحِبِهِمْ} يَعْنِي مُحَمَّدًا -صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ [1] {مِنْ جِنَّةٍ} أَيْ: لَيْسَ بِهِ جُنُونٌ، بَلْ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًا دَعَا إِلَى حَقٍّ، {إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ} أَيْ: ظَاهِرٌ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ وَلُبٌّ يَعْقِلُ بِهِ وَيَعِي بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} [التَّكْوِيرِ:22] ، وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سَبَأٍ:46] يَقُولُ إِنَّمَا أَطْلُبُ مِنْكُمْ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ قِيَامًا خَالِصًا لِلَّهِ، لَيْسَ فِيهِ تَعَصُّبٌ وَلَا عِنَادٌ، {مَثْنَى وَفُرَادَى} أَيْ: مُجْتَمِعِينَ وَمُتَفَرِّقِينَ، {ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} فِي هَذَا الَّذِي جَاءَكُمْ بِالرِّسَالَةِ مِنَ اللَّهِ: أَبِهِ جُنُونٌ أَمْ لَا؟ فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ، بَانَ لَكُمْ وَظَهَرَ أَنَّهُ رَسُولُ [اللَّهِ] [2] حَقًّا وَصِدْقًا.
وَقَالَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى الصَّفَا، فَدَعَا قُرَيْشًا فَجَعَلَ يُفَخِّذهم فَخِذًا فَخِذًا: "يَا بَنِي فُلَانٍ، يَا بَنِي فُلَانٍ"، فَحَذَّرَهُمْ بَأْسَ اللَّهِ وَوَقَائِعَ اللَّهِ، فَقَالَ قَائِلُهُمْ: إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا لَمَجْنُونٍ. بَاتَ يُصَوِّتُ إِلَى الصَّبَاحِ -أَوْ: حَتَّى أَصْبَحَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ} (3)
{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) }
يَقُولُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا} -هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِآيَاتِنَا -فِي مُلْكِ اللَّهِ وَسُلْطَانِهِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَفِيمَا خَلَقَ [اللَّهُ] [4] مِنْ شَيْءٍ فِيهِمَا، فَيَتَدَبَّرُوا ذَلِكَ وَيَعْتَبِرُوا بِهِ، وَيَعْلَمُوا أَنَّ ذَلِكَ لِمَنْ لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا شَبِيهَ، ومِنْ فِعْل مَنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ [5] الْعِبَادَةُ. وَالدِّينُ الْخَالِصُ إِلَّا لَهُ. فَيُؤْمِنُوا بِهِ، وَيُصَدِّقُوا رَسُولَهُ، وَيُنِيبُوا إِلَى طَاعَتِهِ، وَيَخْلَعُوا الْأَنْدَادَ وَالْأَوْثَانَ، وَيَحْذَرُوا أَنْ تَكُونَ آجَالُهُمْ قَدِ اقْتَرَبَتْ، فَيَهْلَكُوا عَلَى كُفْرِهِمْ، وَيَصِيرُوا إِلَى عَذَابِ اللَّهِ وَأَلِيمِ عِقَابِهِ.
وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} ؟ يَقُولُ: فَبِأَيِّ تَخْوِيفٍ وَتَحْذِيرٍ وَتَرْهِيبٍ -بَعْدَ تَحْذِيرِ مُحَمَّدٍ وَتَرْهِيبِهِ، الَّذِي أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فِي آيِ كِتَابِهِ -يُصَدِّقُونَ، إِنْ لَمْ يُصَدِّقُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَهُمْ بِهِ مُحَمَّدٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ؟! .
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ حَسَنِ بْنِ مُوسَى وَعَفَّانَ [6] بْنِ مُسْلِمٍ وَعَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ بن جُدْعَان، عَنْ أَبِي الصَّلْتِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ لَيْلَةَ أَسْرِيَ بِي، لَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَنَظَرْتُ فَوْقِي، فَإِذَا أَنَا بِرَعْدٍ وَبَرْقٍ وَصَوَاعِقَ"، قَالَ: "وَأَتَيْتُ عَلَى قَوْمٍ بُطُونُهُمْ كَالْبُيُوتِ فِيهَا الْحَيَّاتُ تُرَى مِنْ خَارِجِ بُطُونِهِمْ، قلت: من

[1] في أ: "صلى الله عليه وسلم"
[2] زيادة من د، ك، م، أ.
(3) رواه الطبري في تفسيره (13/289) .
[4] زيادة من م.
[5] في ك، أ: "يكون".
[6] في أ: "عثمان".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 517
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست