responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 498
{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) }
يَذْكُرُ تَعَالَى أَنَّهُ فَرَّقَهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا، أَيْ: طَوَائِفَ وَفَرْقًا، كَمَا قَالَ [تَعَالَى] [1] {وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} [الْإِسْرَاءِ:104]
{مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ} أَيْ: فِيهِمُ الصَّالِحُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، كَمَا قَالَتِ الْجِنُّ: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} [الْجِنِّ:11] ، {وَبَلَوْنَاهُمْ} أَيِ: اخْتَبَرْنَاهُمْ {بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} أَيْ: بِالرَّخَاءِ وَالشِّدَّةِ، وَالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، وَالْعَافِيَةِ وَالْبَلَاءِ، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} يَقُولُ تَعَالَى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ الْجِيلِ الَّذِينَ فِيهِمُ الصَّالِحُ وَالطَّالِحُ، خَلْفٌ آخَرُ لَا خَيْرَ فِيهِمْ، وَقَدْ وَرِثُوا دِرَاسَةَ [هَذَا] [2] الْكِتَابِ وَهُوَ التَّوْرَاةُ -وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُمُ النَّصَارَى -وَقَدْ يَكُونُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى} أَيْ: يَعْتَاضُونَ عَنْ بذل الحق ونشره بعَرَض الحياة الدنيا، ويسرفون أَنْفُسَهُمْ وَيَعِدُونَهَا بِالتَّوْبَةِ، وَكُلَّمَا لَاحَ لَهُمْ مِثْلُ الْأَوَّلِ وَقَعُوا فِيهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَعْمَلُونَ الذَّنْبَ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ مِنْهُ، فَإِنْ عَرَضَ ذَلِكَ الذَّنْبُ أَخَذُوهُ.
وَقَوْلُ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى} قَالَ: لَا يُشْرُفُ لَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا أَخَذُوهُ، حَلَالًا كَانَ أَوْ حَرَامًا، وَيَتَمَنَّوْنَ الْمَغْفِرَةَ، وَيَقُولُونَ: {سَيُغْفَرُ لَنَا} وَإِنْ يَجِدُوا عَرَضًا مِثْلَهُ يَأْخُذُوهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ فِي: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} أَيْ: وَاللَّهِ، لَخَلَفُ سُوءٍ، وَرِثُوا الْكِتَابَ بَعْدَ أَنْبِيَائِهِمْ وَرُسُلِهِمْ، وَرَّثَهُمُ اللَّهُ وَعَهِدَ إِلَيْهِمْ، وَقَالَ اللَّهُ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [مَرْيَمَ:59] ، قَالَ {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا} تَمَنَّوْا عَلَى اللَّهِ أَمَانِيَّ، وغرَّة يَغْتَرُّونَ بِهَا، {وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} لَا يَشْغَلُهُمْ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، وَلَا يَنْهَاهُمْ شَيْءٌ عَنْ ذَلِكَ، كُلَّمَا هَفَّ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ [أَمْرِ] [3] الدُّنْيَا أَكَلُوهُ، وَلَا يُبَالُونَ حَلَالًا كَانَ أَوْ حَرَامًا.
وَقَالَ السُّدِّي [فِي] [4] قَوْلِهِ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} قَالَ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَا يَسْتَقْضُونَ قَاضِيًا إِلَّا ارْتَشَى فِي الْحُكْمِ، وَإِنَّ خِيَارَهُمُ اجْتَمَعُوا، فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ الْعُهُودَ أَلَّا يَفْعَلُوا وَلَا يَرْتَشِي، فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ إِذَا اسْتَقْضَى ارْتَشَى، فَيُقَالُ لَهُ: مَا شَأْنُكَ تَرْتَشِي فِي الْحُكْمِ، فَيَقُولُ: "سَيَغْفِرُ لِي"، فَتَطْعَنُ عَلَيْهِ الْبَقِيَّةُ الْآخَرُونَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِيمَا صَنَعَ، فَإِذَا مَاتَ، أَوْ نَزَعَ، وَجُعِلَ مَكَانَهُ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَطْعَنُ عَلَيْهِ، فَيَرْتَشِي. يَقُولُ: وَإِنْ يأت الآخرين عرض الدنيا يأخذوه.

[1] زيادة من أ.
[2] زيادة من م.
[3] زيادة من أ.
[4] زيادة من م.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 498
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست