responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 476
وَكَانَ هَذَا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَهَابِ مُوسَى [عَلَيْهِ السَّلَامُ] [1] لِمِيقَاتِ رَبِّهِ تَعَالَى، وَأَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ وَهُوَ عَلَى الطُّورِ، حَيْثُ يَقُولُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} [طه:85]
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذَا الْعِجْلِ: هَلْ صَارَ لَحْمًا وَدَمًا لَهُ خُوَارٌ؟ أَوِ اسْتَمَرَّ عَلَى كَوْنِهِ مَنْ ذَهَبٍ، إِلَّا أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْهَوَاءُ فَيُصَوِّتُ كَالْبَقَرِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُمْ لَمَّا صَوّت لَهُمُ الْعِجْلُ رَقَصُوا حَوْلَهُ وَافْتَتَنُوا بِهِ، {فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} [طه:88] فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَفَلا يَرَوْنَ أَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا} [طه:89]
وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلا} يُنْكِرُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فِي ضَلَالِهِمْ بِالْعِجْلِ، وذُهُولهم عَنْ خَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَرَبِّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكِهِ، أَنْ عَبَدُوا [2] مَعَهُ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَار لَا يُكَلِّمُهُمْ، وَلَا يُرْشِدُهُمْ إِلَى خَيْرٍ. وَلَكِنْ غَطَّى عَلَى أعيُن بَصَائِرِهِمْ [3] عَمَى الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ، كَمَا تقدم من رواية الإمام أحمد وأبو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمي ويُصِم" (4)
وَقَوْلُهُ: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} أَيْ: نَدِمُوا عَلَى مَا فَعَلُوا، {وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا} وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ: "لَئِنْ لَمْ تَرْحَمْنَا" بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ، "رَبَّنَا" مُنَادَى، "وتَغْفِر لَنَا"، {لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} أَيْ: مِنَ الْهَالِكِينَ وَهَذَا اعْتِرَافٌ مِنْهُمْ بِذَنْبِهِمْ وَالْتِجَاءٌ إِلَى اللَّهِ عز وجل.

[1] زيادة من أ.
[2] في م: "يعبدوا".
[3] في م: "أبصارهم".
(4) المسند (5/194) وسنن أبي داود برقم (5130) وقد رواه الإمام أحمد في مسنده (6/450) موقوفا، قال الحافظ ابن حجر في أجوبته عن أحاديث المصابيح: "الموقوف أشبه".
{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151) }
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ مِنْ مُنَاجَاةِ رَبِّهِ تَعَالَى وَهُوَ غَضْبَانُ أَسِفٌ.
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ "الْأَسَفُ": أَشَدُّ الْغَضَبِ.
{قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي} يَقُولُ: بِئْسَ مَا صَنَعْتُمْ فِي عِبَادَتِكُمُ الْعِجْلَ بَعْدَ أَنْ ذَهَبْتُ وَتَرَكْتُكُمْ.
وَقَوْلُهُ: {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ} ؟ يَقُولُ: اسْتَعْجَلْتُمْ مَجِيئِي إِلَيْكُمْ، وَهُوَ مُقَدَّرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَوْلُهُ: {وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} قِيلَ: كَانَتِ الْأَلْوَاحُ مِنْ زُمُرُّد. وَقِيلَ: مِنْ
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 476
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست