responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 459
مِنْهَا الْأَكَابِرَ وَالرُّؤَسَاءَ، وَتَكُونَ الدَّوْلَةُ وَالتَّصَرُّفُ لَكُمْ، {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} أَيْ: مَا أَصْنَعُ بِكُمْ.
ثُمَّ فَسَّرَ هَذَا الْوَعِيدَ بِقَوْلِهِ: {لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ} يَعْنِي: يَقْطَعُ يَدَ الرّجُل الْيُمْنَى ورجْله الْيُسْرَى أَوْ بِالْعَكْسِ. وَ {لأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه:71] أَيْ: عَلَى الْجُذُوعِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكَانَ [1] أولَ مَنْ صَلَبَ، وأولَ مَنْ قَطَعَ الْأَيْدِيَ وَالْأَرْجُلَ مِنْ خِلَافٍ، فِرْعَوْنُ.
وَقَوْلُ السَّحَرَةِ: {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ} أَيْ: قَدْ تَحَقَّقْنَا أَنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَعَذَابَهُ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِكَ، وَنَكَالُهُ [2] مَا تَدْعُونَا إِلَيْهِ، وَمَا أَكْرَهَتْنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ، أَعْظَمُ [3] مِنْ نَكَالِكَ، فَلَنَصْبِرَنَّ الْيَوْمَ عَلَى عَذَابِكَ لِنَخْلُصَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، لَمَّا قَالُوا: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} أَيْ: عُمَّنَا بِالصَّبْرِ عَلَى دِينِكَ، وَالثَّبَاتِ عَلَيْهِ، {وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} أَيْ: مُتَابِعِينَ لِنَبِيِّكَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقَالُوا لِفِرْعَوْنَ: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُالدَّرَجَاتُ الْعُلا} [طه:72-75] فَكَانُوا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ سَحَرَةً، فَصَارُوا فِي آخِرِهِ [4] شُهَدَاءَ بَرَرَةً.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وعُبَيد بْنُ عُمَيْر، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ جُرَيْج: كَانُوا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ سَحَرَةً، وَفِي آخِرِهِ شُهَدَاءَ.
{وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) }
يُخْبِرُ تَعَالَى عَمَّا تَمَالَأَ عَلَيْهِ فِرْعَوْنُ وَمَلَؤُهُ، وَمَا أَظْهَرُوهُ [5] لِمُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَوْمِهِ مِنَ الْأَذَى وَالْبِغْضَةِ: {وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ} أَيْ: لِفِرْعَوْنَ {أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ} أَيْ: أَتَدَعُهُمْ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ، أَيْ: يُفْسِدُوا أَهْلَ رَعَيَّتِكَ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ رَبِّهِمْ دُونَكَ، يَالَلَّهِ لِلْعَجَبِ! صَارَ [6] هَؤُلَاءِ يُشْفِقُونَ مِنْ إِفْسَادِ مُوسَى وَقَوْمِهِ! أَلَا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ هُمُ الْمُفْسِدُونَ، وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ؛ وَلِهَذَا قَالُوا: {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} قَالَ بَعْضُهُمْ: "الْوَاوُ" هُنَا حَالِيَّةٌ، أَيْ: أَتَذِرُهُ وَقَوْمَهُ يُفْسِدُونَ وَقَدْ تَرَكَ عبادتك؟

[1] في م، أ: "فكان".
[2] في أ: "ونكاله على ".
[3] في د: "أشد".
[4] في ك، م، أ: "في آخر النهار".
[5] في ك، م، أ: "أضمروه"، وفي د: "أضمروا".
[6] في أ: "صاروا".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 459
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست