responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 432
لَهُ، فَقَالَ: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} أَيْ: مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ إنْ [1] لَقِيتُمُ اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُشْرِكُونَ بِهِ {قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِهِ} أَيِ: الْجُمْهُورُ وَالسَّادَةُ وَالْقَادَةُ وَالْكُبَرَاءُ مِنْهُمْ: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أَيْ: فِي دَعْوَتِكَ إِيَّانَا إِلَى تَرْكِ عِبَادَةِ هَذِهِ الْأَصْنَامِ الَّتِي وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا. وَهَكَذَا حَالُ الْفُجَّارِ إِنَّمَا يَرَوْنَ الْأَبْرَارَ فِي ضَلَالَةٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} [الْمُطَفِّفِينَ:32] ، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} [الْأَحْقَافِ:11] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
{قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أَيْ: مَا أَنَا ضَالٌّ، وَلَكِنْ أَنَا رَسُولٌ [2] مِنْ رَبِّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكِهِ، {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} وَهَذَا شَأْنُ الرَّسُولِ، أَنْ يَكُونَ بَلِيغًا فَصِيحًا نَاصِحًا بِاللَّهِ، لَا يُدْرِكُهُمْ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ، كَمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَهُمْ أَوْفَرُ مَا كَانُوا وَأَكْثَرُ جَمْعًا: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ " قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَجَعَلَ يَرْفَعُ إِصْبَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ وينكتُها عَلَيْهِمْ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ [3] (4)
{أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63) فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64) }
يَقُولُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ نُوحٍ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] [5] أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ: {أَوَعَجِبْتُمْ [أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ] } [6] أَيْ لَا تَعْجَبُوا مِنْ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ يعجَب أَنْ يُوحِيَ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ، رَحْمَةً بِكُمْ ولطفا وإحسانا إليكم، لإنذركم وَلِتَتَّقُوا نِقْمَةَ اللَّهِ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ، {وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَكَذَّبُوهُ} أَيْ: فَتَمَادَوْا [7] عَلَى تَكْذِيبِهِ وَمُخَالَفَتِهِ، وَمَا آمَنُ مَعَهُ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ} وَهِيَ السَّفِينَةُ، كَمَا قَالَ: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} [الْعَنْكَبُوتِ:15] {وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} كَمَا قَالَ: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا} [نُوحٍ:25]
وَقَوْلُهُ: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ} أَيْ: عَنِ الْحَقِّ، لَا يُبْصِرُونَهُ وَلَا يَهْتَدُونَ لَهُ.
فَبَيَّنَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ انْتَقَمَ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ، وأنجى رسوله والمؤمنين، وأهلك أعداءهم

[1] في د: "إذا".
[2] في أ: "ولكني رسول".
[3] جاءت "اللهم اشهد" في "أ" ثلاث مرات.
(4) صحيح مسلم برقم (1218) من حديث جابر، رضي الله عنه.
[5] زيادة من أ.
[6] زيادة من ك، م، أ، وفي هـ: "الآية".
[7] في د: "تمادوا".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 432
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست