responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 397
{وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) }
يَذْكُرُ تَعَالَى أَنَّهُ أَبَاحَ لِآدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلِزَوْجَتِهِ [حَوَّاءَ] [1] الْجَنَّةَ أَنْ يَأْكُلَا مِنْهَا مِنْ جَمِيعِ ثِمَارِهَا إِلَّا شَجَرَةً وَاحِدَةً. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي "سُورَةِ الْبَقَرَةِ"، فَعِنْدَ ذَلِكَ حَسَدَهُمَا الشَّيْطَانُ، وَسَعَى فِي الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ وَالْوَسْوَسَةِ ليُسلبا [2] مَا هُمَا فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ وَاللِّبَاسِ الْحَسَنِ، وَقَالَ كَذِبًا وَافْتِرَاءً: مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ أَكْلِ [3] الشَّجَرَةِ إِلَّا لِتَكُونَا مَلَكَيْنِ أَيْ: لِئَلَّا تَكُونَا مَلَكَيْنِ، أَوْ خَالِدَيْنِ هَاهُنَا وَلَوْ أَنَّكُمَا أَكَلْتُمَا مِنْهَا لَحَصَلَ لَكُمَا ذَلِكُمَا [4] كَقَوْلِهِ: {قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه: 120] أَيْ: لِئَلَّا تَكُونَا مَلَكَيْنِ، كَقَوْلِهِ: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النِّسَاءِ: 176] أَيْ: لِئَلَّا تَضِلُّوا، {وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} [النَّحْلِ: 15] أَيْ: لِئَلَّا تَمِيدَ بِكُمْ.
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَيَحْيَى بْنُ أبي كثير يقرآن: {إِلا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ} بِكَسْرِ اللَّامِ. وَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِهَا.
{وَقَاسَمَهُمَا} أَيْ: حَلَفَ لَهُمَا بِاللَّهِ: {إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} فَإِنِّي مِنْ قَبْلكما هَاهُنَا، وَأَعْلَمُ بِهَذَا الْمَكَانِ، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ وَالْمُرَادُ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ، كَمَا قَالَ خَالِدُ بْنُ زُهَيْرٍ، ابْنُ عَمِّ أَبِي ذُؤَيْبٍ:
وقاسَمَها بِاللَّهِ جَهْدا لأنتمُ ... أَلَذُّ مِنَ السَّلْوَى إِذْ مَا نُشُورُهَا (5)
أَيْ: حَلَفَ لَهُمَا بِاللَّهِ [عَلَى ذَلِكَ] [6] حَتَّى خَدَعَهُمَا، وَقَدْ يُخْدَعُ الْمُؤْمِنُ بِاللَّهِ، فَقَالَ: إِنِّي خُلقت قَبْلَكُمَا، وَأَنَا أَعْلَمُ مِنْكُمَا، فَاتَّبِعَانِي أُرْشِدُكُمَا. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: "مَنْ خَادَعَنَا بِاللَّهِ خُدعنا لَهُ".
{فَدَلاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) }

[1] زيادة من أ.
[2] في د: "ليسلبهما".
[3] في د، ك: "هذه".
[4] في أ: "ذلك".
(5) البيت في تفسير الطبري (12/350) وعزاه المحقق لأشعار الهذليين (1/158) .
[6] زيادة من د، ك، م، أ.
{قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) }
قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ آدَمُ رَجُلًا طُوَالا كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ سَحُوق، كَثِيرُ شَعْرِ الرَّأْسِ. فَلَمَّا وَقَعَ بِمَا وَقَعَ بِهِ مِنَ الْخَطِيئَةِ، بَدَتْ لَهُ
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 397
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست