responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 369
وَقَوْلُهُ: {عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} أَيْ: جَزَاءً عَلَى إِحْسَانِهِ فِي الْعَمَلِ، وَقِيَامِهِ بِأَوَامِرِنَا وَطَاعَتِنَا، كَقَوْلِهِ: {هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ} [الرَّحْمَنِ:60] ، وَكَقَوْلِهِ {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا [قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ] } [1] [الْبَقَرَةِ:124] ، وَقَوْلُهُ: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السَّجْدَةِ:24] .
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} يَقُولُ: أَحْسَنَ فِيمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: مَنْ أَحْسَنَ فِي الدُّنْيَا تَمَّمَ لَهُ ذَلِكَ فِي الآخرة.
واختار ابن جرير أن تقديره الْكَلَامِ: { [ثُمَّ] آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا} [2] عَلَى إِحْسَانِهِ. فَكَأَنَّهُ جَعَلَ "الَّذِي" مَصْدَرِيَّةً، كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التَّوْبَةِ:69] أَيْ: كَخَوْضِهِمْ وَقَالَ ابْنُ رَوَاحة:
فَثَبَّتَ اللهُ مَا آتاكَ مِنْ حَسَنٍ ... فِي الْمَرْسَلِينَ وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا (3)
وَقَالَ آخَرُونَ: الَّذِي هَاهُنَا بِمَعْنَى "الَّذِينَ".
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: "تَمَامًا عَلَى الَّذِينَ أَحْسَنُوا".
وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ: {تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} قَالَ: عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُحْسِنِينَ، وَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَالْمُحْسِنُونَ: الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُؤْمِنُونَ، يَعْنِي: أَظْهَرْنَا فَضْلَهُ عَلَيْهِمْ.
قُلْتُ: كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} [الْأَعْرَافِ:144] ، وَلَا يَلْزَمُ اصْطِفَاؤُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْخَلِيلِ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لِأَدِلَّةٍ أُخَرَ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَرَوَى أَبُو عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَر أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا. {تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} رَفْعًا، بِتَأْوِيلِ: "عَلَى الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ"، ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ قِرَاءَةٌ لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِهَا، وَإِنْ كَانَ لَهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَجْهٌ صَحِيحٌ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: تَمَامًا عَلَى إِحْسَانِ اللَّهِ إِلَيْهِ زِيَادَةً عَلَى مَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ، حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، والبَغوي.
وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَبِهِ جَمَعَ ابْنُ جَرِيرٍ كَمَا بَيَّنَّاهُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَقَوْلُهُ: {وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً} فِيهِ مَدْحٌ لِكِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، {لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَهَذَا كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} فِيهِ الدَّعْوَةُ إِلَى اتِّبَاعِ الْقُرْآنِ وَوَصْفِهِ بِالْبَرَكَةِ لِمَنِ اتَّبَعَهُ وَعَمِلَ بِهِ في الدنيا والآخرة.

[1] زيادة من أ.
[2] زيادة من أ.
(3) البيت في السيرة النبوية لابن هشام (2/374) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 369
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست