responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 330
وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي تَفْسِيرِهَا، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَبَدُوهُمْ، فَقَالَ: "بَلْ إِنَّهُمْ أَحَلُّوا لَهُمُ الْحَرَامَ وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمُ الْحَلَالَ، فَاتَّبَعُوهُمْ، فَذَلِكَ عِبَادَتُهُمْ إِيَّاهُمْ" [1] .
{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) }
هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِ الَّذِي كَانَ مَيْتًا، أَيْ: فِي الضَّلَالَةِ، هَالِكًا حَائِرًا، فَأَحْيَاهُ اللَّهُ، أَيْ: أَحْيَا قَلْبَهُ بِالْإِيمَانِ، وَهَدَاهُ لَهُ وَوَفَّقَهُ لِاتِّبَاعِ رُسُلِهِ. {وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} أَيْ: يَهْتَدِي [بِهِ] [2] كَيْفَ يَسْلُكُ، وَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ بِهِ. وَالنُّورُ هُوَ: الْقُرْآنُ، كَمَا رَوَاهُ العَوْفي وَابْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ السُّدِّي: الْإِسْلَامُ. وَالْكُلُّ صَحِيحٌ.
{كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ} [3] أَيِ: الْجَهَالَاتِ وَالْأَهْوَاءِ وَالضَّلَالَاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ، {لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} أَيْ: لَا يَهْتَدِي إِلَى مَنْفَذٍ، وَلَا مَخْلَصٍ [4] مِمَّا هُوَ فِيهِ، [وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ ثُمَّ رَشَّ عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ فَمَنْ أَصَابَهُ ذَلِكَ النُّورُ اهْتَدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ"] [5] كَمَا قَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257] . و [كَمَا] [6] قَالَ تَعَالَى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الْمُلْكِ: 22] ، وَقَالَ تَعَالَى: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأعْمَى وَالأصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [هُودٍ: 24] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ * وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الأحْيَاءُ وَلا الأمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ * إِنْ أَنْتَ إِلا نَذِيرٌ} [فَاطِرَ: 19 -23] . وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ، وُوَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ فِي ضَرْبِ الْمَثَلَيْنِ هَاهُنَا بِالنُّورِ وَالظُّلُمَاتِ، مَا [7] تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الْأَنْعَامِ: [1]] .
وَزَعَمَ [8] بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْمَثَلِ رَجُلَانِ مُعَيَّنَانِ، فَقِيلَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ هُوَ الَّذِي كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَاهُ اللَّهُ، وَجَعَلَ لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ. وَقِيلَ: عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ. وَأَمَّا الَّذِي فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا: أَبُو جَهْلٍ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ، لَعَنَهُ اللَّهُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ، يَدْخُلُ فيها كل مؤمن وكافر.

[1] سنن الترمذي برقم (3095) من طريق عبد السلام بن حرب، عن غطيف بن أعين، عن مصعب بن سعد، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: "هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث".
[2] زيادة من أ.
[3] في م: "في الظلمات ليس بخارج منها".
[4] في م: "ولا يخلص".
[5] زيادة من م، أ.
[6] زيادة من م، أ.
[7] في أ: "لما".
[8] في م: "وقد زعم".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست