responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 312
لَا يَرَاهُ شَيْءٌ وَهُوَ يَرَى الْخَلَائِقَ.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ [تَعَالَى] [1] {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} اللَّطِيفُ بِاسْتِخْرَاجِهَا، الْخَبِيرُ بِمَكَانِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ لُقْمَانَ فِيمَا وَعَظَ بِهِ ابْنَهُ: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لُقْمَانَ: 16] .
{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) }
الْبَصَائِرُ: هِيَ الْبَيِّنَاتُ وَالْحُجَجُ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ، وَمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ} مِثْلَ قَوْلِهِ: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [الْإِسْرَاءِ: 15] ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا} لَمَّا ذَكَرَ الْبَصَائِرَ قَالَ:
{وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا} أَيْ: فَإِنَّمَا يَعُودُ وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الْحَجِّ: 46] .
{وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} أَيْ: بِحَافِظٍ وَلَا رَقِيبٍ، بَلْ أَنَا مُبَلِّغٌ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ.
وَقَوْلُهُ: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ} أَيْ: وَكَمَا فَصَّلْنَا الْآيَاتِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، مِنْ بَيَانِ التَّوْحِيدِ وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، هَكَذَا نُوَضِّحُ الْآيَاتِ وَنُفَسِّرُهَا وَنُبَيِّنُهَا فِي كُلِّ مَوْطِنٍ لِجَهَالَةِ الْجَاهِلِينَ، وَلِيَقُولَ الْمُشْرِكُونَ وَالْكَافِرُونَ الْمُكَذِّبُونَ: دَارَسْتَ يَا مُحَمَّدُ مَنْ قَبْلِكَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَارَأْتَهُمْ وَتَعَلَّمْتَ مِنْهُمْ.
هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، وَالضَّحَّاكُ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَدْ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ كَيْسَانَ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: {دَارَسْتَ} تلوتَ، خاصمتَ، جادلتَ (2)
وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ كَذِبِهِمْ وَعِنَادِهِمْ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا. وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا [فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا] [3] } [الْفُرْقَانِ: [4]، [5]] ، وَقَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ زَعِيمِهِمْ وَكَاذِبِهِمْ: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ. فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ نَظَرَ. ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ. ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ. فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ. إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ} [الْمُدَّثِّرِ: 18 -25] .
وَقَوْلُهُ: {وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أَيْ: وَلِنُوَضِّحَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَيَتَّبِعُونَهُ، وَالْبَاطِلَ فَيَجْتَنِبُونَهُ. فَلِلَّهِ تَعَالَى الْحِكْمَةُ الْبَالِغَةُ فِي إِضْلَالِ أُولَئِكَ، وَبَيَانِ الْحَقِّ لِهَؤُلَاءِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا [وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ] [4] } [الْبَقَرَةِ: 26] ، وَقَالَ تَعَالَى: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ [5] } [الْحَجِّ: 53]

[1] زيادة من م، أ.
(2) المعجم الكبير للطبراني (11/137) . وقال الهيثمي في المجمع (7/22) : "رجاله ثقات".
[3] زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".
[4] زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".
[5] في هـ: "وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مستقيم".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 312
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست