responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 233
أَمَرَنَا بِذَلِكَ، قَالَ: فَيُطَوَّلُ شَعْرُ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَأْخُذُ كُلُّ مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِشَعْرَةٍ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ وَجَسَدِهِ. فَيُجَاثِيهِمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، مِقْدَارَ أَلْفِ عَامٍ، حَتَّى تُرْفَعَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ، وَيُرْفَعَ لَهُمُ الصَّلِيبُ، وَيُنْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ"، وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ عَزِيزٌ. (1)
وَقَوْلُهُ: {سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} هَذَا تَوْفِيقٌ لِلتَّأَدُّبِ فِي الْجَوَابِ الْكَامِلِ، كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: يَلْقَى عِيسَى حُجَّتَهُ، ولقَّاه اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقَّاهُ اللَّهُ: {سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} أي آخِرِ الْآيَةِ.
وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَعْمَر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ طَاوُسٍ، بِنَحْوِهِ.
وَقَوْلُهُ: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} أَيْ: إِنْ كَانَ صَدَرَ مِنِّي هَذَا فَقَدْ عَلِمْتَهُ يَا رَبِّ، فَإِنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْءٌ مِمَّا قُلْتُهُ وَلَا أَرَدْتُهُ فِي نَفْسِي وَلَا أَضْمَرْتُهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} بِإِبْلَاغِهِ {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} أَيْ: مَا دَعَوْتُهُمْ إِلَّا إِلَى الَّذِي أَرْسَلْتَنِي بِهِ وَأَمَرْتَنِي بِإِبْلَاغِهِ: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} أَيْ: هَذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ لَهُمْ، {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} أَيْ: كُنْتُ أَشْهَدُ عَلَى أَعْمَالِهِمْ حِينَ كُنْتُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}
قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا شُعْبَة قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ فَأَمْلَاهُ عَلَى سُفْيَانَ وَأَنَا مَعَهُ، فَلَمَّا قَامَ انْتَسَخْتُ مِنْ سُفْيَانَ، فَحَدَّثَنَا قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْعِظَةٍ، فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ، وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلَائِقِ يُكْسى إِبْرَاهِيمُ، أَلَا وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: أَصْحَابِي. فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فَيُقَالُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ".
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ عَنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي شُعْبَةَ -وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، كِلَاهُمَا عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، بِهِ. (2)
وَقَوْلُهُ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} هَذَا الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ رَدَّ الْمَشِيئَةِ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّهُ الْفَعَّالُ لِمَا يَشَاءُ، الَّذِي لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. ويتضمن

(1) تاريخ دمشق (19/128 القسم المخطوط) والمختصر لابن منظور (29/54) .
(2) مسند الطيالسي برقم (2638) وصحيح البخاري برقم (4625) ورواه مسلم في صحيحه برقم (3023) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 233
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست