responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 159
[قَالُوا] [1] وَهَذَا مَعْنَى النُّبُوَّةِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلَّا مِنَ الرِّجَالِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي [2] إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [يُوسُفَ: 109] ، وَقَدْ حَكَى الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: {كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ} أَيْ: يَحْتَاجَانِ إِلَى التَّغْذِيَةِ بِهِ، وَإِلَى خُرُوجِهِ مِنْهُمَا، فَهُمَا عَبْدَانِ كَسَائِرِ النَّاسِ وَلَيْسَا بِإِلَهَيْنِ كَمَا زَعَمَتْ [3] فِرَقُ النَّصَارَى الْجَهَلَةِ، عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَةُ [4] إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ} أَيْ: نُوَضِّحُهَا وَنُظْهِرُهَا، {ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} أَيْ: ثُمَّ انْظُرْ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ وَالْوُضُوحِ وَالْجَلَاءِ أَيْنَ يَذْهَبُونَ؟ وَبِأَيِّ قَوْلٍ يَتَمَسَّكُونَ؟ وَإِلَى أَيِّ مَذْهَبٍ مِنَ الضَّلَالِ يَذْهَبُونَ؟ [5] ؟
{قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) }

[1] زيادة من أ.
[2] في ر: "يوحي".
[3] في ر، أ: "كما زعمه".
[4] في ر، أ: "التابعة".
[5] في ر: "يزهون".
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) }
يَقُولُ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى مَنْ عَبَدَ غَيْرَهُ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ وَالْأَوْثَانِ، وَمُبِّينًا لَهُ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنَ الْإِلَهِيَّةِ: {قُلْ} أَيْ: يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْعَابِدِينَ غَيْرَ اللَّهِ مِنْ سَائِرِ فِرَقِ بَنِي آدَمَ، وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ النَّصَارَى وَغَيْرُهُمْ: {أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا} أَيْ: لَا يَقْدِرُ عَلَى إِيصَالِ ضَرَرٍ [1] إِلَيْكُمْ، وَلَا إِيجَادِ نَفْعٍ {وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [2] أَيْ: فَلِمَ [3] عَدَلْتُمْ عَنْ إِفْرَادِ السَّمِيعِ لِأَقْوَالِ عِبَادِهِ، الْعَلِيمِ بِكُلِّ شَيْءٍ إِلَى عِبَادَةِ جَمَاد لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يَعْلَمُ شَيْئًا، وَلَا يَمْلِكُ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا لِغَيْرِهِ وَلَا لِنَفْسِهِ.
ثُمَّ قَالَ: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} أَيْ: لَا تُجَاوِزُوا الْحَدَّ فِي اتِّبَاعِ الْحَقِّ، وَلَا تُطْروا مَنْ أُمِرْتُمْ بِتَعْظِيمِهِ فَتُبَالِغُوا فِيهِ، حَتَّى تُخْرِجُوهُ عَنْ حَيّز النُّبُوَّةِ إِلَى مَقَامِ الْإِلَهِيَّةِ، كَمَا صَنَعْتُمْ فِي الْمَسِيحِ، وَهُوَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَجَعَلْتُمُوهُ إِلَهًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِاقْتِدَائِكُمْ بِشُيُوخِ الضَّلَالِ، الَّذِينَ هُمْ سَلَفُكُمْ مِمَّنْ ضَلَّ قَدِيمًا، {وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} أَيْ: وَخَرَجُوا عَنْ طَرِيقِ الِاسْتِقَامَةِ وَالِاعْتِدَالِ، إِلَى طَرِيقِ الْغَوَايَةِ وَالضَّلَالِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: وَقَدْ كَانَ قَائِمٌ قَامَ عَلَيْهِمْ، فَأَخَذَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ زَمَانًا، فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: إِنَّمَا تَرْكَبُ أَثَرًا أَوْ أَمْرًا قَدْ عُمِل قَبْلَكَ، فَلَا تَجْمُد [4] عَلَيْهِ، وَلَكِنِ ابْتَدِعْ أَمْرًا مِنْ قِبَل نَفْسِكَ وَادْعُ إِلَيْهِ وَأَجْبِرِ النَّاسَ عَلَيْهِ، فَفَعَلَ، ثُمَّ ادَّكر [5] بَعْدَ فِعْلِهِ زَمَانًا فَأَرَادَ أَنْ يَتُوبَ فَخَلَعَ مُلْكه،

[1] في ر، أ: "ضر".
[2] في أ: "والله واسع عليم" وهو خطأ.
[3] في ا: "فلو".
[4] في ر، د: "تحمد".
[5] في د: "ادكر من".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست