responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 140
وَهَذَا تَنْفِيرٌ مِنْ مُوَالَاةِ أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، مِنَ الْكِتَابِيِّينَ وَالْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ أَفْضَلَ مَا يَعْمَلُهُ الْعَامِلُونَ، وَهِيَ شَرَائِعُ الْإِسْلَامِ الْمُطَهَّرَةُ الْمُحْكَمَةُ المشتملة على كل خير دنيوي وأخروي، يَتَّخِذُونَهَا {هُزُوًا وَلَعِبًا} يَسْتَهْزِئُونَ [1] بِهَا، {وَلَعِبًا} يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا نَوْعٌ مِنَ اللَّعِبِ فِي نَظَرِهِمُ الْفَاسِدِ، وَفِكْرِهِمُ الْبَارِدِ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: (2)
وَكَمْ مِنْ عَائبٍ قَولا صَحِيحًا ... وآفَتُهُ مِن الْفَهم السَّقِيمِ ...
وَقَوْلُهُ: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ} "مِنْ" هَهُنَا لِبَيَانِ الْجِنْسِ، كَقَوْلِهِ: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ} [الْحَجِّ:30] ، وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ {وَالْكُفَّارَ} بِالْخَفْضِ عَطْفًا، وَقَرَأَ آخَرُونَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَعْمُولٌ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} تَقْدِيرُهُ: وَلَا الْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ، أَيْ: لَا تَتَّخِذُوا هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ أَوْلِيَاءَ.
وَالْمُرَادُ بِالْكُفَّارِ هَهُنَا الْمُشْرِكُونَ، وَكَذَا وَقَعَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِيهَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ} .
وَقَوْلُهُ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أَيِ: اتَّقُوا اللَّهَ أَنْ تَتَّخِذُوا هَؤُلَاءِ الْأَعْدَاءَ لَكُمْ وَلِدِينِكُمْ أَوْلِيَاءَ {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} بِشَرْعِ اللَّهِ الَّذِي اتَّخَذَهُ هَؤُلَاءِ هُزُوًا وَلَعِبًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آلِ عِمْرَانَ: 28] .
وَقَوْلُهُ [تَعَالَى] [3] {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا} أَيْ: وَكَذَلِكَ إِذَا أَذَّنْتُمْ دَاعِينَ إِلَى الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ لِمَنْ يَعْقِلُ وَيَعْلَمُ مِنْ ذَوِي الْأَلْبَابِ {اتَّخَذُوهَا} أَيْضًا {هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} مَعَانِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَشَرَائِعِهِ، وَهَذِهِ صِفَاتُ أَتْبَاعِ الشَّيْطَانِ الَّذِي "إِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ أَدْبَرَ وَلَهُ حُصَاص، أَيْ: ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّأْذِينُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّب بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ، فَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي [4] كَمْ صلَّى، فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ [تَعَالَى] [5] التَّأْذِينَ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّي، فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا} قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ النَّصَارَى بِالْمَدِينَةِ إِذَا سَمِعَ الْمُنَادِي يُنَادِي: "أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" قَالَ: حُرّق الْكَاذِبُ! فَدَخَلَتْ خَادِمَةٌ [6] لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي بِنَارٍ وَهُوَ نَائِمٌ وَأَهْلُهُ نِيَامٌ، فَسَقَطَتْ شَرَارَةٌ فَأَحْرَقَتِ الْبَيْتَ، فَاحْتَرَقَ هُوَ وَأَهْلُهُ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسار فِي السِّيرَةِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الكعبة عام الفتح، ومعه

[1] في أ: "مستهزئون".
(2) هو "أبو الطيب المتنبي" كما في حاشية طبعة الشعب.
[3] زيادة من أ.
[4] في أ: "لم يدر".
[5] زيادة من أ.
[6] في أ: "فدخل خادمه".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 140
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست