responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 123
قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ:
الْجِرَاحُ تَارَةً تَكُونُ فِي مَفْصِل، فَيَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ بِالْإِجْمَاعِ، كَقَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالْكَفِّ وَالْقَدَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنِ الْجِرَاحُ [1] فِي مَفْصِلٍ بَلْ فِي عَظْمٍ، فَقَالَ مَالِكٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ: فِيهِ الْقِصَاصُ إِلَّا فِي الْفَخِذِ وَشَبَهِهَا؛ لِأَنَّهُ مُخَوِّفٌ خَطِرٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ: لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعِظَامِ [2] إِلَّا فِي السِّنِّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُبِ الْقِصَاصُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعِظَامِ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِهِ يَقُولُ عَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِي، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.
وَقَدِ احْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، بِحَدِيثِ الرُّبَيع بِنْتِ النَّضْرِ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ إِلَّا فِي السِّنِّ. وحديثُ الرَّبِيعِ لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ بِلَفْظِ: "كَسَرَتْ ثَنيَّة جَارِيَةٍ" وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ [3] سَقَطَتْ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ، فَيَجِبُ الْقِصَاصُ -وَالْحَالَةُ هَذِهِ-بِالْإِجْمَاعِ. وَتَمَّمُوا الدَّلَالَةَ. بِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاش، عَنْ دهْثَم [4] بْنِ قُرَّان، عَنْ نِمْرَان بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ جَارِيَةَ بْنِ ظَفَرٍ الْحَنَفِيِّ؛ أَنَّ رَجُلًا ضَرَبَ رَجُلًا عَلَى سَاعِدِهِ بِالسَّيْفِ مِنْ غَيْرِ الْمَفْصِلِ، فَقَطَعَهَا، فَاسْتَعْدَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ لَهُ بِالدِّيَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُريد الْقِصَاصَ. فَقَالَ: "خُذِ الدِّيَةَ، بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا". وَلَمْ يَقْضِ لَهُ بِالْقِصَاصِ. (5)
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ هَذَا الْإِسْنَادِ، وَدَهْثَم [6] بْنُ قُرَّان العُكلي ضَعِيفٌ أَعْرَابِيٌّ، لَيْسَ حَدِيثُهُ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ، وَنَمِرَانُ بْنُ جَارِيَةَ ضَعِيفٌ أَعْرَابِيٌّ أَيْضًا، وَأَبُوهُ جَارِيَةُ بْنُ ظُفَرَ مَذْكُورٌ فِي الصَّحَابَةِ. (7)
ثُمَّ قَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنَ الْجِرَاحَةِ حَتَّى تَنْدَمِل جِرَاحُهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، فَإِنِ اقْتَصَّ مِنْهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ ثُمَّ زَادَ جُرْحُهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَ حَدِيثًا، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَذَكَرَ عَمْرو [8] بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ رَجُلًا طَعَنَ رَجُلًا بِقَرْنٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَقِدْنِي. فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَعْجَلْ حَتَّى يَبْرَأَ جُرْحُكَ". قَالَ: فَأَبَى الرَّجُلُ إِلَّا أَنْ يَسْتَقِيدَ، فَأَقَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، قَالَ: فَعَرَجَ الْمُسْتَقِيدُ وَبَرَأَ الْمُسْتَقَادُ مِنْهُ، فَأَتَى الْمُسْتَقِيدُ إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَرَجْتُ وَبَرَأَ صَاحِبِي. فَقَالَ: "قَدْ نَهَيْتُكَ فَعَصَيْتَنِي، فَأَبْعَدَكَ اللَّهُ وَبَطَلَ عَرَجُكَ". ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ جُرْحٍ حَتَّى يَبْرَأَ صَاحِبُهُ. تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ. (9)
مَسْأَلَةٌ:
فَلَوِ اقْتَصَّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنَ الْجَانِي، فَمَاتَ مِنَ الْقِصَاصِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ،

[1] في ر: "يكن الجراحة".
[2] في أ: "العظام مطلقا".
[3] في ر: "يكون".
[4] في أ: "دهيم".
(5) سنن ابن ماجة برقم (2636) .
[6] في أ: "دهيم".
(7) الاستذكار (25/287) .
[8] في ر: "وذكر عن عمرو".
(9) المسند (2/217)
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست