responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 725
إِنْ شَهَادَتَهَا مَعَهَا تَجْعَلُهَا كَشَهَادَةِ ذَكَرٍ [1] فَقَدْ أَبْعَدَ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} قِيلَ: مَعْنَاهُ: إِذَا دُعُوا لِلتَّحَمُّلِ فَعَلَيْهِمُ الْإِجَابَةُ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ} وَمِنْ هَاهُنَا اسْتُفِيدَ أَنَّ تَحَمّل الشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ.
وَقِيلَ -وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ -: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} لِلْأَدَاءِ، لِحَقِيقَةِ قَوْلِهِ: {الشُّهَدَاء} وَالشَّاهِدُ حَقِيقَةً فِيمَنْ [2] تحمَّل، فَإِذَا دُعِيَ لِأَدَائِهَا [3] فَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ إِذَا تَعَيَّنَتْ وَإِلَّا فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَأَبُو مِجْلَز، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: إِذَا دُعِيتَ لِتَشْهَدَ فَأَنْتِ بِالْخِيَارِ، وَإِذَا شَهِدْتَ فَدُعِيتَ [4] فَأَجِبْ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَالسُّنَنِ، مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْم، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَة، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ؟ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا" [5] .
فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ فِي الصَّحِيحَيْنِ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ الشُّهَدَاءِ؟ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ قَبْلَ أَنْ يُستْشْهَدوا"، وَكَذَا قَوْلُهُ: "ثُمَّ يَأْتِي قَوْمٌ تَسْبِقُ أيمانُهم شَهَادَتَهُمْ وَتَسْبِقُ شهادَتُهم أَيْمَانَهُمْ". وَفِي رِوَايَةٍ: "ثُمَّ يَأْتِي قَوْمٌ يَشْهَدُون وَلَا يُسْتَشْهَدون" [6] . فَهَؤُلَاءِ شُهُودُ الزُّورِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَنَّهَا تَعُمُّ الْحَالَيْنِ: التحَمّل وَالْأَدَاءَ.
وَقَوْلُهُ: {وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِه} هَذَا مِنْ تَمَامِ الْإِرْشَادِ، وَهُوَ الْأَمْرُ بِكِتَابَةِ الْحَقِّ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، فَقَالَ: {وَلا تَسْأَمُوا} أَيْ: لَا تَمَلُّوا أَنْ تَكْتُبُوا الْحَقَّ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ مِنَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ {إِلَى أَجَلِهِ}
وَقَوْلُهُ {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا} أَيْ: هَذَا الَّذِي أَمَرْنَاكُمْ بِهِ مِنَ الْكِتَابَةِ لِلْحَقِّ إِذَا كَانَ مُؤَجَّلًا هُوَ {أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} أَيْ: أَعْدَلُ {وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ} أَيْ: أَثْبَتُ لِلشَّاهِدِ إِذَا وَضَعَ خَطَّهُ ثُمَّ رَآهُ تَذَكَّرَ بِهِ الشَّهَادَةَ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْتُبْهُ أَنْ يَنْسَاهُ، كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ غَالِبًا {وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا} وَأَقْرَبُ إِلَى عَدَمِ الرِّيبَةِ، بَلْ تَرْجِعُونَ عِنْدَ التَّنَازُعِ إِلَى الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبْتُمُوهُ، فَيَفْصِلُ بَيْنَكُمْ بِلَا رِيبَةٍ.
وَقَوْلُهُ: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا} أَيْ: إِذَا كَانَ الْبَيْعُ بِالْحَاضِرِ يَدًا بِيَدٍ، فَلَا بَأْسَ بِعَدَمِ الْكِتَابَةِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ فِي تَرْكِهَا.
فَأَمَّا الْإِشْهَادُ عَلَى الْبَيْعِ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُم} قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْر، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعة، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير

[1] في و: "كشهادة رجل".
[2] في جـ: "فقد".
[3] في جـ: "فإن دعى إلى الإدلاء بها".
[4] في جـ: "وإذا دعيت".
[5] صحيح مسلم برقم (1719) وسنن أبي داود برقم (3596) وسنن الترمذي برقم (2295، 2296) وسنن النسائي الكبرى برقم (6029) وسنن ابن ماجة برقم (2364) .
[6] صحيح البخاري برقم (6428) وصحيح مسلم برقم (2535) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 725
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست