responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 405
الْأُمِّيِّ الذِي يَجِدُونَ صِفَتَهُ فِي كُتُبِهِمْ ونعتَه وَاسْمَهُ وَأَمْرَهُ وَأُمَّتَهُ. يُحَذِّرُهُمْ [1] مِنْ كِتْمَانِ هَذَا، وَكِتْمَانِ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، مِنَ النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ، وَلَا يَحْسُدُوا بَنِي عَمِّهم مِنَ الْعَرَبِ عَلَى مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ مِنْ إِرْسَالِ الرَّسُولِ الْخَاتَمِ مِنْهُمْ. وَلَا يَحْمِلُهُمْ ذَلِكَ الحسدُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ وَتَكْذِيبِهِ، وَالْحَيْدَةِ عَنْ مُوَافَقَتِهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) }
يَقُولُ تَعَالَى مُنَبِّهًا عَلَى شَرَفِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ [2] وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهُ إِمَامًا لِلنَّاسِ يُقْتَدَى بِهِ فِي التَّوْحِيدِ، حَتَّى [3] قَامَ بِمَا كَلَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} أَيْ: وَاذْكُرْ -يَا مُحَمَّدُ -لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابَيْنِ الَّذِينَ يَنْتَحِلُونَ ملَّة إِبْرَاهِيمَ وَلَيْسُوا عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا الذِي هُوَ عَلَيْهَا مُسْتَقِيمٌ فَأَنْتَ وَالَّذِينَ [4] مَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اذْكُرْ لِهَؤُلَاءِ ابْتِلَاءَ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ، أَيِ: اخْتِبَارُهُ لَهُ بِمَا كَلَّفَهُ بِهِ مِنَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي {فَأَتَمَّهُنَّ} أَيْ: قَامَ [5] بِهِنَّ كُلِّهِنَّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النَّجْمِ: 37] ، أَيْ: وَفَّى جَمِيعَ مَا شَرَعَ لَهُ، فَعَمِلَ بِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* شَاكِرًا لأنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ* وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ* ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النَّحْلِ: 120 -123] ، وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الْأَنْعَامِ: 161] ، وَقَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: 67، 68]
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {بِكَلِمَاتٍ} أَيْ: بِشَرَائِعَ وَأَوَامِرَ وَنَوَاهٍ، فَإِنَّ الْكَلِمَاتِ تُطْلَقُ، وَيُرَادُ بِهَا الْكَلِمَاتُ الْقَدَرِيَّةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ مَرْيَمَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ،: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التَّحْرِيمِ: 12] . وَتُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الشَّرْعِيَّةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا [لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ] [6] } [الْأَنْعَامِ: 115] أَيْ: كَلِمَاتُهُ الشَّرْعِيَّةُ. وَهِيَ إِمَّا خَبَرُ صِدْقٍ، وَإِمَّا طَلَبُ عَدْلٍ إِنْ كَانَ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا، وَمِنْ ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} أَيْ: قَامَ بِهِنَّ. قَالَ: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} أَيْ: جَزَاءً عَلَى مَا فَعَل، كَمَا قَامَ بِالْأَوَامِرِ وتَرَكَ الزَّوَاجِرَ، جَعَلَهُ اللَّهُ لِلنَّاسِ قُدْوَةً وَإِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ، ويحتذى حذوه.

[1] في جـ، ط، أ، و: "فحذرهم".
[2] في جـ: "عليه الصلاة والسلام".
[3] في أ، و: "حين".
[4] في جـ: "فأنت والذي".
[5] في جـ: "أي أقام".
[6] زيادة من ط.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 405
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست