responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 345
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ -حِينَ بُعث رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَّرَهُمْ [1] مَا أُخِذَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمِيثَاقِ، وَمَا عُهِدَ إِلَيْهِمْ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] وَاللَّهِ مَا عَهِد إِلَيْنَا فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَخَذَ [لَهُ] [3] عَلَيْنَا مِيثَاقًا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ}
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي قَوْلِهِ: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} قَالَ: نَعَم، لَيْسَ فِي الْأَرْضِ عَهْدٌ يُعَاهِدُونَ عَلَيْهِ إِلَّا نَقَضُوهُ وَنَبَذُوهُ، يُعَاهِدُونَ الْيَوْمَ، وَيَنْقُضُونَ غَدًا.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: لَا يُؤْمِنُونَ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: {نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} أَيْ: نَقَضَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أَصْلُ النَّبْذِ: الطَّرْحُ وَالْإِلْقَاءُ، وَمِنْهُ سُمِّي اللَّقِيطُ: مَنْبُوذًا، وَمِنْهُ سُمِّي النَّبِيذُ، وَهُوَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ إِذَا طُرِحَا فِي الْمَاءِ. قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ:
نظرتُ إِلَى عُنْوَانِهِ فنبذْتُه كَنَبْذِكَ نَعْلا أخْلقَتْ مِنْ نعَالكا (4)
قُلْتُ: فَالِقَوْمُ ذَمَّهُمُ اللَّهُ بِنَبْذِهِمُ الْعُهُودَ التِي تَقَدَّمُ اللهُ إِلَيْهِمْ فِي التَّمَسُّكِ بِهَا وَالْقِيَامِ بِحَقِّهَا. وَلِهَذَا أَعْقَبَهُمْ ذَلِكَ التَّكْذِيبَ بِالرَّسُولِ الْمَبْعُوثِ إِلَيْهِمْ وَإِلَى النَّاسِ كَافَّةً، الذِي فِي كُتُبِهِمْ نعتُه وصفتُه وأخبارُه، وَقَدْ أُمِرُوا فِيهَا بِاتِّبَاعِهِ وَمُؤَازَرَتِهِ وَمُنَاصَرَتِهِ، كَمَا قَالَ: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ} الْآيَةَ [الْأَعْرَافِ: 157] ، وَقَالَ هَاهُنَا: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} أَيِ: اطَّرَحَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ كِتَابَ اللَّهِ الذِي بِأَيْدِيهِمْ، مِمَّا فِيهِ الْبِشَارَةُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، أَيْ: تَرَكُوهَا، كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَا فِيهَا، وَأَقْبَلُوا عَلَى تَعَلُّمِ السِّحْرِ وَاتِّبَاعِهِ. وَلِهَذَا أَرَادُوا كيْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسَحَروه في مُشْط ومُشَاقة وجُفّ طَلْعَة ذَكر، تَحْتَ رَاعُوثَةِ بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ. وَكَانَ الذِي تَوَلَّى ذَلِكَ مِنْهُمْ رَجُلٌ، يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، لَعَنَهُ اللَّهُ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَفَاهُ مِنْهُ وَأَنْقَذَهُ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ [5] قَالَ [6] السُّدِّيُّ: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} قَالَ: لَمَّا جَاءَهُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَارَضُوهُ بِالتَّوْرَاةِ فَخَاصَمُوهُ بِهَا، فَاتَّفَقَتِ التَّوْرَاةُ وَالْقُرْآنُ، فَنَبَذُوا التَّوْرَاةَ وَأَخَذُوا بِكِتَابِ آصِفَ وَسِحْرِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ، فَلَمْ يُوَافِقِ الْقُرْآنَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}
وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: {كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} قَالَ: إِنَّ الْقَوْمَ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَلَكِنَّهُمْ نَبَذُوا علمهم، وكتموه وجحدوا به.

[1] في أ: "وما ذكر لهم".
[2] في أ: "وما عهد الله إليهم فيه".
[3] زيادة من أ.
(4) البيت في تفسير الطبري (2/401) .
[5] في جـ: "كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثقة"، وفي أ: "كما سيأتي بيانه إن شاء اله تعالى".
[6] في جـ، ط: "وقال".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست