responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 242
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: نِعْمَتُهُ أَنْ جَعَلَ مِنْهُمُ الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْكُتُبَ.
قُلْتُ: وَهَذَا كَقَوْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُمْ: {يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [الْمَائِدَةِ: 20] يَعْنِي فِي زَمَانِهِمْ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} أَيْ: بَلَائِي عِنْدَكُمْ وَعِنْدَ آبَائِكُمْ لِمَا كَانَ نَجَّاهُمْ بِهِ مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} قَالَ: بِعَهْدِي الَّذِي أَخَذْتُ فِي [1] أَعناقكم لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَكُمْ. {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} أَيْ: أُنْجِزُ لَكُمْ مَا وَعَدْتُكُمْ عَلَيْهِ بِتَصْدِيقِهِ وَاتِّبَاعِهِ، بِوَضْعِ مَا كَانَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْإِصْرِ وَالْأَغْلَالِ الَّتِي كَانَتْ فِي أَعْنَاقِكُمْ بِذُنُوبِكُمُ الَّتِي كَانَتْ مِنْ إِحْدَاثِكُمْ.
[وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: هُوَ قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لأكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} الْآيَةَ [الْمَائِدَةِ: 12] . وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّهُ سَيَبْعَثُ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ نَبِيًّا عَظِيمًا يُطِيعُهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ وَالْمُرَادُ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنِ اتَّبَعَهُ غُفر لَهُ ذَنْبُهُ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَجَعَلَ لَهُ أَجْرَانِ. وَقَدْ أَوْرَدَ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ هَاهُنَا بِشَارَاتٍ كَثِيرَةٍ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [2] .
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} قَالَ: عَهْدُهُ إِلَى عِبَادِهِ: دِينُهُ الْإِسْلَامُ أَنْ يَتَّبِعُوهُ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} قَالَ: أرْض عَنْكُمْ وَأُدْخِلْكُمُ الْجَنَّةَ.
وَكَذَا قَالَ السُّدِّيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ.
وَقَوْلُهُ: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} أَيْ: فَاخْشَوْنِ؛ قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالسُّدِّيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَتَادَةُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} أَيْ أُنْزِلُ بِكُمْ مَا أُنْزِلُ [3] بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ آبَائِكُمْ مِنَ النَّقِمَات الَّتِي قَدْ عَرَفْتُمْ مِنَ الْمَسْخِ وَغَيْرِهِ.
وَهَذَا انْتِقَالٌ مِنَ التَّرْغِيبِ إِلَى التَّرْهِيبِ، فَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى الْحَقِّ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ وَالِاتِّعَاظِ بِالْقُرْآنِ وَزَوَاجِرِهِ، وَامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، وَتَصْدِيقِ أَخْبَارِهِ، وَاللَّهُ الْهَادِي لِمَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ؛ وَلِهَذَا [4] قَالَ: {وَآمِنُوا بِمَا أَنزلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} [ {مُصَدِّقًا} مَاضِيًا مَنْصُوبًا عَلَى الْحَالِ مِنْ {بِمَا} أَيْ: بِالَّذِي أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَحْذُوفِ مِنْ قَوْلِهِمْ: بِمَا أَنْزَلْتُهُ مُصَدِّقًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مِنْ غَيْرِ الْفِعْلِ وَهُوَ قَوْلُهُ: {بِمَا أَنزلْتُ مُصَدِقًا} ] [5] يَعْنِي بِهِ: الْقُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الْعَرَبِيِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَسِرَاجًا مُنِيرًا مُشْتَمِلًا عَلَى الْحَقِّ من الله

[1] في جـ، ط، ب: "من".
[2] زيادة من جـ، ط، ب، أ، و.
[3] في جـ، ط، ب: "ما أنزلت".
[4] في جـ: "فلهذا".
[5] زيادة من جـ، ب، و.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست