نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 5 صفحه : 143
ثالثها: قال الكلبيُّ - عن أبي صالح عن ابن عبّاس -: نزلت في المنافقين - عبد الله بن أبيِّ وأصحابه - ك انوا يتولَّون اليهودَ والمشركين، ويأتونهم بالأخبار، يرجون لهم الظفر والنصر على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فنزلت الآية.
ورابعها: أنها نزلت في عُبَادةَ بن الصامتِ - وكان له حلفاء من اليهود - في يوم الأحزاب قال: يا رسول الله، معي خمسمائة من اليهود، وقد رأيت أن يخرجوا معي، فنزلت هذه الآية في تحريم موالاة الكافرين.
وقد نزلت آيات أخَرُ في هذا المعنى، منها قوله تعالى: {لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ} [آل عمران: 118] ، وقوله: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ الله وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] وقوله: {لاَ تَتَّخِذُواْ اليهود والنصارى أَوْلِيَآءَ} [المائدة: 51] وقوله: {لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ} [الممتحنة: 1] ، وقوله: {والمؤمنون والمؤمنات بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] .
فصل
موالاة الكافر تنقسم ثلاثة أقسامٍ.
الأول: أن يَرْضَى بكفره، ويُصَوِّبَه، ويواليَه لأجْلِه، فهذا كافر؛ لأنه راضٍ بالكفر ومُصَوِّبٌ له.
الثاني: المعاشرةُ الجميلةُ بحَسَب الظاهر، وذلك غير ممنوع منه.
الثالث: الموالاة، بمعنى الركون إليهم، والمعونة، والنُّصْرة، إما بسبب القرابة، وإما بسبب المحبة مع اعتقاد أن دينَه باطل - فهذا منهيٌّ عنه، ولا يوجب الكفر؛ لأنه - بهذا المعنى - قد يجره إلى استحسان طريقِه، والرِّضَى بدينه، وذلك يخرجه عن الإسلام، ولذلك هدد الله بهذه الآية - فقال: {وَمَن يَفْعَلْ ذلك فَلَيْسَ مِنَ الله فِي شَيْءٍ} .
فإن قيل: لِمَ لا يجوز أن يكون المراد من الآية النهي عن اتخاذ الكافرين أولياء - بمعنى أن يتولوهم دون المؤمنين - فأما إذا تولَّوْهم، وتولَّوُا المؤمنين معهم، فليس ذلك بمنهيٍّ عنه، وأيضاً فقوله: {لاَّ يَتَّخِذِ المؤمنون الكافرين أَوْلِيَآءَ} فيه زيادة مَزِيَّةٍ؛ لأن الرجلَ قد يوالي غيره، ولا يتخذه موالياً له، فالنهيُّ عن اتخاذه موالياً لا يوجب النهي عن أصل موالاته؟
فالجوابُ: أن هذين الاحتمالين - وإن قاما في الآية - إلا أن سائر الآيات الدالةِ على أنه لا يجوز موالاتُهم دلت على سقوطِ هذينِ الاحتمالينِ.
فصل
معنى قوله: {مِن دُونِ المؤمنين} أي: من غير المؤمنين، كقوله: {وادعوا شُهَدَآءَكُم مِّن
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 5 صفحه : 143