نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 15 صفحه : 341
فالمعنى: إنكم إنما اتخذتم هذه الأوثان مودة بينكم في الحياة الدنيا تتوادُّونَ على عبادتها، وتتواصلون عليها في الدنيا {ثُمَّ يَوْمَ القيامة يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ} تتبرأ الأوثان من عبادة عباديها وتتبرأ السادة من الأتباع، ويلعن الأتباع القادة.
ومأواكم النار جميعاً، العابدون والمعبودون {وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ} .
فإن قيل: (قال قبل هذا) ومأواكم النار، وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير على لفظ الواحد.
وقال هنا: {وما لكم من ناصرين} على لفظ الجمع فما الحكمة فيه؟
فالجواب: أنهم لما أرادوا إحراق إبراهِيمَ عليه (الصلاة و) السلام، قالوا: نحن ننصر آلهتنا، كما قال تعالى (عنهم) : حَرِّقُوه وانصروا آلهتكم، فقال: أنتم ادَّعَيْتُم أن لهؤلاء ناصرينَ فما لكم كلكم أي الأوثان وعبدتهما من ناصرين، وأما هناك فلم يسبق منهم دعوى النصر فنفى الجنس بقوله: «ولا نصير» .
قوله تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} أي صدقه، وهو أول من صدق إبراهيم، وكان ابن أخيه وقال إبراهيم: {إني مُهَاجر إلى ربي} إلى حيث أمرني ربي بالتوجه إليه من «كوثا» وهو من سواد الكوفة إلى «حران ثم إلى الشام ومعه» لوط «وامرأته» سارة «وهو أول من هاجر» . وقال مقاتل: هاجر إبراهيم (عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ) وهو ابن خَمْسٍ وسبعينَ سنةً. ثم قال: {إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ، عزيز يمنع أعدائي عن إيذائي بعونه، و «حكيم» لا يأمرني إلا بما يوافق الحكمة.
(فإن قيل) : قوله {فآمن له لوط} أي بعد ما رأى منه العجز القاهر، ودرجة لوط كانت عالية فبقاؤه إلى هذه الوقت مما ينقص من الدرجة، ألا ترى إلى أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - لما قبل دين محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان قبوله قبل الكل من غير سماع تكلم الخصَى، ولا رُؤية انْشِقَاق القَمَر.
فالجواب: أن لوطاً لما رأى معجزته آمن برسالته، وأما بالوحدانية فآمن مِن حيث سمع مقالته، ولهذا قال: {فآمن لوط} ، ولم يقل: «فآمن لوط» .
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 15 صفحه : 341