نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 98
لمَّا توعد من لا ينفر مع الرسول، أتبعه الأمر الجزم، فقال: {انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً} نصبهما على الحال من فاعل «انفرُوا» . قال الحسنُ، والضحاكُ، ومجاهد، وقتادة وعكرمة: «شُباناً وشُيوخاً» . وعن ابن عباسٍ: نشاطاً وغير نشاط. وقال عطيةُ العوفي: ركباناً ومشاةً. وقال أبو صالحٍ: «خفافاً من المال، أي: فقراء» ثقالاً «أي: أغنياء» . وقال ابن زيد «الثقيل: الذي له الضيعة، والخفيف: الذي لا ضيعة له» .
وقيل: «خفافاً» من السلاح أي: مقلين منه، و «ثِقالاً» مستكثرين منه. وقال مرة الهمداني: صحاحاً ومراضاً.
وقال يمان بن رباب «عزاباً ومتأهلين» ، وقيل غير ذلك. والصحيح أنَّ الكلَّ داخل فيه؛ لأنَّ الوصف المذكور وصف كلّي؛ فيدخل فيه كل هذه الجزئيات، فقد روى ابن أم مكتوم أنه قال لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: أعَلَيَّ أنَّ أنفر؟ قال: «ما أنت إلاَّ خفيفٌ أو ثقيلٌ» فرجع إلى أهله ولبس سلاحه، ووقف بين يديه؛ فنزل قوله: {لَّيْسَ عَلَى الأعمى حَرَجٌ} [النور: 61 والفتح: 17] .
وقال مجاهدٌ: «إنَّ أبا أيُّوب شهد بدراً مع الرسول، ولم يتخلف عن الغزوات مع المسلمين، ويقول قال الله تعالى: {انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً} فلا أجدني إلاَّ خفيفاً أو ثقيلاً» . وعن صفوان بن عمرو قال: كنت والياً على حمص، فلقيت شيخاً قد سقط حاجباه، من أهل دمشق على راحلته يريد الغزو، فقلت: يا عم أنت معذور عند الله، فرفع حاجبيه وقال: يا ابن أخي استنفرنا الله خفافاً وثقالاً، إلا أنَّ من أحبَّه ابتلاه. وعن الزهري: خرج سعيدُ بنُ المسيب إلى الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه فقيل له: إنَّك عليل صاحب ضرر، فقال: استنفر الله الخفيف والثقيل، فإن عجزت عن الجهاد كثرت السواد وحفظت المتاع. وقيل للمقداد بن الأسود وهو يريد الغزو أنت معذور، فقال: أنْزلَ اللهُ علينا في سورة براءة: {انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً} [التوبة: 41] والقائلون بهذا القول يقولون: إنَّ هذه الآية نسخت بقوله: {لَّيْسَ عَلَى الأعمى حَرَجٌ} [النور: 61] وبقوله: {لَّيْسَ عَلَى الضعفآء وَلاَ على المرضى وَلاَ عَلَى الذين لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ} [التوبة: 91]
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 98