نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 55
المؤمنين، قالوا: يا رسُول الله كيف يمكن البراءة منهم بالكليَّة؟ وهذه الآية توجب انقطاعنا عن آبائنا وإخواننا وعشيرتنا، وإن نحن فعلنا ذلك، ذهبت تجارتنا، وهلكت أموالنا، وخربت ديارنا، فأنزل الله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقترفتموها وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ} أي: تَسْتوطنُونَها راضين بسكناها {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ} فانتظروا {حتى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ} . قال عطاءٌ: «بقضائه» .
وقال مجاهدٌ ومقاتلٌ: «بفتح مكَّة» .
وهذا أمر تهديد، فبيَّن تعالى أنَّه يجب تحمل جميع هذه المضارّ في الدُّنيا، ليبقى الدِّين سليماً. ثم قال {والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين} أي: الخارجين عن الطاعةِ، وهذه الآية تدلُّ على أنَّه إذا وقع التَّعارضُ بين مصلحةٍ واحدة من مصالح الدِّين، وبين مهمات الدُّنيا؛ وجب ترجيح الدِّين على الدنيا.
قوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ الله فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} الآية.
لمَّا ذكر في الآية المتقدمة أنه يجب الإعراض عن مخالطة الآباء والأبناء، والإخوان، والعشيرة، وعن الأموال، والتجارات، والمساكن، رعاية لمصالح الدِّين، وعلم أنَّ ذلك يشقّ على النفوس، ذكر ما يدلُّ على أنَّ من ترك الدُّنيا لأجل الدِّين، فإنَّهُ تعالى يوصله مطلوبه.
وضرب لهذا مثلاً، وذلك أنَّ عسكر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في وقعة حنين، كانوا في غاية الكثرةِ والقوَّةِ، فلمَّا أعجبوا بكثرتهم، صارُوا منهزمين، فلمَّا تَضَرَّعُوا في حال الانهزام إلى اللهِ تعالى قوَّاهم حتَّى هزموا عسكر الكُفَّارِ، وذلك يدلُّ على أنَّ الإنسان متى اعتمد على الدُّنيا، فاته الدِّين والدنيا، ومتى أطاع الله، ورجَّحَ الدِّين على الدُّنيا، آتاه اللهُ الدِّين
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 10 صفحه : 55